words' theme=''/>

ندعو إلى التمسك بالمنهج الصحيح المتكامل لفهم الإسلام الصحيح والعمل به، والدعوة إلى الله تعالى على بصيرة، لنعود بك إلى الصدر الأول على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه رضي الله عنهم ومن سار على نهجهم من القرون الفاضلة إلى يوم الدين ...أبو سامي العبدان

السبت، 9 مارس 2024

مستريح ومستراح منه

 

(399) "مستريح ومستراح منه. قالوا: يا رسول الله، ما المستريح والمستراح منه؟ قال: العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا وأذاها إلى رحمة الله، والعبد الفاجر يستريح منه العباد والبلاد، والشجر والدواب".

 

أخرجه البخاري (6512)، ومسلم (950 - 61)، والنسائي (1930)، وفي "الكبرى" (2068)، وأحمد 5/ 302، ومالك في "الموطأ" 1/ 241، وابن حبان (3012)، وأبو نعيم في "الحلية" 6/ 336، وفي "المستخرج" (2127)، والبيهقي 3/ 379، والبغوي (1453)، والمزي في "تهذيب الكمال" 28/ 237 - 238 عن محمد بن عمرو بن حلحلة الديلي، والنسائي (1931)، وفي "الكبرى" (2069)، وابن أبي عاصم في "ذكر الدنيا والزهد فيها" (253)، وابن حبان (3007) من طريق وهب بن كيسان، وأحمد 5/ 302، وابن عبد البر في "التمهيد" 13/ 62 و 62 - 63 من طريق محمد بن إسحاق، ثلاثتهم (محمد بن عمرو بن حلحلة، ومحمد بن إسحاق، ووهب بن كيسان) عن معبد بن كعب بن مالك، عن أبي قتادة بن ربعي، أنه كان يحدث أن رسول الله ﷺ مر عليه بجنازة، فقال: فذكره.

وأخرجه البخاري (6513)، ومسلم (950)، وأحمد 5/ 296، وأبو يعلى كما في "الفتح" 11/ 365، وأبو نعيم في "المستخرج" (2128)، والوخشي في "الخامس من الوخشيات" - مخطوط عن يحيى بن سعيد القطان، وعبد الرزاق في "المصنف" (6254)، ومن طريقه مسلم (950)، وأحمد 5/ 304، وابن السكن كما في "الفتح" 11/ 365، وأبو نعيم في "المستخرج" (2128)، وأخرجه عبد بن حميد (193) أخبرنا صفوان بن عيسى، والإسماعيلي في "مستخرجه" كما في "الفتح" 11/ 365 من طريق عبد الرحمن بن محمد المحاربي أربعتهم (يحيى بن سعيد القطان، وعبد الرزاق، وصفوان بن عيسى، وعبد الرحمن بن محمد) عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند، قال: حدثني محمد بن عمرو بن حلحلة الديلي، عن ابن لكعب بن مالك، عن أبي قتادة به.

وقال مسلم:

"وفي حديث يحيى بن سعيد (يستريح من أذى الدنيا ونصبها إلى رحمة الله)".

وأخرجه البيهقي في "الشعب" (8826) عن أبي عبد الله محمد بن أحمد بن أبي طاهر الدقاق ببغداد، أخبرنا علي بن محمد بن سليمان الخرقي، حدثنا أبو قلابة، حدثنا علي بن إبراهيم، حدثنا عبد الله بن سعيد بن أبي هند، عن محمد بن عمرو يعني: ابن حلحلة، عن معبد بن كعب بن مالك، عن أبي قتادة الأنصاري به.

قلت: لم يذكر أحد ممن رواه عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند التصريح باسم ابن كعب إلا في رواية علي بن إبراهيم ولم أعرفه، وأبو قلابة هو عبد الملك بن محمد الرقاشي: قال الدارقطني:

"صدوق، كثير الخطئ في الأسانيد والمتون، وكان يحدث من حفظه، فكثرت الأوهام منه".

وعلي بن محمد بن سليمان الخرقي، لعلّ اسم أبيه وجده مقلوب، فقد قال الخطيب في "تاريخ بغداد" 11/ 432:

"علي بن سليمان بن محمد بن عبد السلام أبو الحسن السلمي الخرقي حدث عن أبي قلابة الرقاشي، وموسى بن إسحاق الأنصاري، وأبي العباس الكديمي، حدثنا عنه أبو الحسن بن رزقويه، وأبو عبد الله بن البياض أحاديث مستقيمة".

وشيخ البيهقي أبو عبد الله الدقاق يعرف بابن البياض: قال الخطيب في "تاريخ بغداد" 1/ 371:

"وكان شيخا فاضلا، دينا، صالحا، ثقة، من أهل القرآن".

والابن جاء اسمه صريحًا فيما تقدّم من الروايات وهو معبد بن كعب بن مالك، ووقع في إسناد البخاري (6513) برواية أبي ذر عن شيوخه الثلاثة الحموي والمستملي والكشميهني كما في القسطلاني (عبد ربه بن سعيد) بدل: عبد الله بن سعيد، وقد أخرجه مسلم (950)، وأحمد 5/ 296، وأبو يعلى كما في "الفتح" 11/ 365، وأبو نعيم في "المستخرج" (2128)، والوخشي عن يحيى بن سعيد القطان، عن عبد الله بن سعيد، وتابع يحيى القطان على ذلك: عبدُ الرزاق، وصفوانُ بن عيسى، وعبدُ الرحمن بن محمد المحاربي.

وقال الحافظ في "الفتح" 11/ 365 - بعد أن ذكر الروايات التي تثبت أنه عبد الله بن سعيد -:

"وكذا أخرجه أبو نعيم في (المستخرج) من طريق إبراهيم الحربي، عن مسدد شيخ البخاري فيه مثله سواء.

قال أبو علي الجياني: هذا هو الصواب. وكذا رواه ابن السكن عن الفربري، فقال: في روايته عن عبد الله بن سعيد هو ابن أبي هند، والحديث محفوظ له لا لعبد ربه. قلت: وجزم المزي كما في "الأطراف" أن البخاري أخرجه لعبد الله بن سعيد بن أبي هند بهذا السند وعطف عليه رواية مسلم".

 

وله شواهد من حديث أبي هريرة، وعائشة، وأبي مسعود:

 

أما حديث أبي هريرة:

فأخرجه النسائي في "الكبرى" كما في "تحفة الأشراف" (12205) من طريق عبد الله بن رجاء، وابن حبان (1710) من طريق هدبة بن خالد، والبزار (9460) من طريق أبي داود الطيالسي - وهو في "مسنده" (2511) -، والحاكم 1/ 353 وصححه من طريق عمرو بن عاصم الكلابي، كلهم عن همام بن يحيى، عن قتادة، عن أبي الجوزاء، عن أبي هريرة، أن رسول الله ﷺ قال:

"المؤمن إذا حضره الموت حضرته ملائكة الرحمة فإذا قبضت نفسه جعلت في حريرة بيضاء، فينطلق بها إلى باب السماء، فيقولون: ما وجدنا ريحا أطيب من هذه، فيقال: دعوه يستريح فإنه كان في غم فيسأل ما فعل فلان ما فعل فلان ما فعلت فلانة؟ وأما الكافر فإذا قبضت نفسه وذهب بها إلى باب الأرض يقول خزنة الأرض ما وجدنا ريحا أنتن من هذه فتبلغ بها إلى الأرض السفلى".

واسناد رجاله رجال الصحيحين.

وأخرجه النسائي (1833)، والبزار (9542)، وابن حبان (3014)، والحاكم 1/ 353 وصححه من طرق عن معاذ بن هشام، حدثني أبي، عن قتادة، عن قسامة بن زهير، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ:

"إن المؤمن إذا قبض أتته ملائكة الرحمة بحريرة بيضاء، فتقول: اخرجي إلى روح الله، فتخرج كأطيب ريح مسك حتى إنهم ليناوله بعضهم بعضا يشمونه، حتى يأتون به باب السماء، فيقولون: ما هذه الريح الطيبة التي جاءت من الأرض؟ ولا يأتون سماء إلا قالوا مثل ذلك حتى يأتون به أرواح المؤمنين فلهم أشد فرحا به من أهل الغائب بغائبهم فيقولون: ما فعل فلان؟ فيقولون: دعوه حتى يستريح فإنه كان في غم الدنيا فيقول قد مات، أما أتاكم؟ فيقولون: ذهب به إلى أمه الهاوية، وأما الكافر فيأتيه ملائكة العذاب بمسح فيقولون: اخرجي إلى غضب الله فتخرج كأنتن ريح جيفة فتذهب به إلى باب الأرض".

وقال البزار:

"ولا نعلم روى هذا الحديث بهذا اللفظ إلا قتادة، عن قسامة".

وقال أبو حاتم كما في "العلل" لابنه 3/ 514:

"هذا أشبه لأن هشام (كذا) أحفظ من همام".

وتابع هشاما: معمرُ بن راشد، والقاسمُ بن الفضل الحداني:

أما متابعة معمر:

فأخرجها الحاكم 1/ 352 من طريق عبد الرزاق، أنبأ معمر، عن قتادة به.

وأما متابعة القاسم:

فأخرجها الطبراني في "الأوسط" (742) - وعنه أبو نعيم في "الحلية" 3/ 104 - من طريق سليمان بن النعمان الشيباني قال: حدثنا القاسم بن الفضل الحداني، عن قتادة به.

وحديث أبي هريرة في صحيح مسلم (2872) من حديث عبد الله بن شقيق، عنه ليس فيه موضع الشاهد.

وله شاهد من حديث أبي أيوب:

أخرجه الطبراني 4/ (3887) و (3888)، وفي "المعجم الأوسط" (148)، وفي "مسند الشاميين" (1544) من طريق مسلمة بن علي، عن زيد بن واقد، وهشام بن الغاز، عن مكحول، عن عبد الرحمن بن سلامة، عن أبي رهم السماعي، عن أبي أيوب الأنصاري، أن رسول الله ﷺ قال:

"إن نفس المؤمن إذا قبضت تلقاها أهل الرحمة من عباد الله، كما تلقون البشير من أهل الدنيا، فيقولون: أنظروا صاحبكم يستريح، فإنه في كرب شديد، ثم يسألونه: ما فعل فلان، وفلانة هل تزوجت؟ فإذا سألوه عن الرجل قد مات قبله، فيقول: أَيْهَات [1]، قد مات ذاك قبلي، فيقولون: إنا لله وإنا إليه راجعون، ذهب به إلى أمه الهاوية، بئست الأم، وبئست المربية. وقال: إن أعمالكم تعرض على أقاربكم، وعشائركم من أهل الآخرة، فإن كان خيرا فرحوا واستبشروا، وقالوا: اللهم هذا فضلك ورحمتك، فأتمم نعمتك عليه، وأمته عليها. ويعرض عليهم عمل المسيء، فيقولون: اللهم ألهمه عملا صالحا ترضى به، وتقربه إليك".

وقال الطبراني:

"لم يرو هذين الحديثين عن مكحول إلا زيد بن واقد، وهشام بن الغاز، تفرد بهما مسلمة بن علي".

وقال الهيثمي في "المجمع" 2/ 327:

"رواه الطبراني في "الكبير" و "الأوسط"، وفيه مسلمة بن علي وهو ضعيف".

قلت: بل هو متروك، لكن له طريق أخرى عن عبد الرحمن بن سلامة:

فقد أخرجه الطبراني 4/ (3889) حدثنا عمرو بن إسحاق بن إبراهيم بن العلاء بن زبريق الحمصي، حدثنا محمد بن إسماعيل بن عياش، حدثنا أبي، حدثنا ضمضم بن زرعة، عن شريح بن عبيد، قال: كان عبد الرحمن بن سلامة، يحدث أن أبا رهم، حدثهم، أن أبا أيوب: فذكره.

وعبد الرحمن بن سلمة: لم أجد له ترجمة.

ومحمد بن إسماعيل بن عياش: لم يسمع من أبيه شيئا.

وذكره ابن حبان في "المجروحين" 1/ 339 عن سلام بن سلم الطويل، عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن أبي رهم، عن أبي أيوب، عن النبي ﷺ:

"إن المؤمن إذا مات بلغته الرحمة من عباد الله عز وجل كما يتلقى البشرى في دار الدنيا، فيقبلون عليه يسألونه، فيقولون: ما فعل فلان؟ ما فعلت فلانة؟ هل تزوجت؟ فإن سألوه عن إنسان قد مات يقول: هيهات هيهات، هلك ذاك قبلي، فيقولون: إنا لله وإنا إليه راجعون، يسلك به إلى أمه الهاوية فبئست الأم وبئست المرئية، قال وتعرض على الموتى أعمالكم فإن رأوا خيرا استبشروا وقالوا اللهم هذه نعمتك فأتممها على عبدك وإن رأوا سيئة قالوا راجع عبدك فلا تخزوا موتاكم بالعمل السيء فإن أعمالكم تعرض عليهم".

وإسناده ضعيف جدًا، سلام بن سلم الطويل: متروك الحديث، والصحيح من رواية ثور بن يزيد الوقف على أبي أيوب:

أخرجه ابن المبارك في "الزهد" (443) أخبرنا ثور بن يزيد، عن أبي رهم السماعي، عن أبي أيوب الأنصاري، قال:

"إذا قبضت نفس العبد تلقاه أهل الرحمة من عباد الله كما يلقون البشير في الدنيا، فيقبلون عليه ليسألوه، فيقول بعضهم لبعض: أنظروا أخاكم حتى يستريح، فإنه كان في كرب، فيقبلون عليه فيسألونه ما فعل فلان؟ ما فعلت فلانة؟ هل تزوجت؟ فإذا سألوا عن الرجل قد مات قبله، قال لهم: إنه قد هلك، فيقولون: إنا لله وإنا إليه راجعون ذهب به إلى أمه الهاوية، فبئست الأم، وبئست المربية، قال: فيعرض عليهم أعمالهم، فإذا رأوا حسنا فرحوا واستبشروا، وقالوا: هذه نعمتك على عبدك فأتمها، وإن رأوا سوءا قالوا: اللهم راجع بعبدك".

وهذا إسناد رجاله ثقات، وله حكم الرفع.

 

وأما حديث عائشة:

فأخرجه أحمد 6/ 69 و 102 عن حسن، ويحيى، وقتيبة بن سعيد، والطبراني في "الأوسط" (9379) وعنه أبو نعيم في "الحلية" 8/ 290 من طريق المعافى بن عمران، أربعتهم عن ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة، عن عائشة قالت: جاء بلال إلى النبي ﷺ، فقال: يا رسول الله، ماتت فلانة واستراحت، فغضب رسول الله ﷺ، وقال:

"إنما يستريح من دخل الجنة".

وفي رواية لأحمد "إنما يستريح من غفر له".

ولفظ الطبراني: "إنما استراح من غفر له".

وقال الطبراني:

"لم يرو هذا الحديث عن أبي الأسود إلا ابن لهيعة، ولا عن ابن لهيعة إلا المعافى، تفرد به عبد الكبير". ووافقه أبو نعيم!

قلت: وليس الأمر كما قال رحمه الله، فقد تابع المعافى: ثلاثةٌ حسنُ بن موسى، ويحيى، وقتيبة، وله طريق أخرى عن عروة:

أخرجه البزار (789) كشف: حدثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي، حدثنا عثمان بن عمر، حدثنا يونس، يعني: ابن يزيد، عن الزهري، عن محمد بن عروة بن الزبير، عن أبيه، عن عائشة، قالت: "توفيت امرأة كان أصحاب النبي ﷺ يضحكون منها ويمازحونها، فقلت: استراحت، فقال النبي ﷺ: إنما يستريح من غفر له".

وقال البزار:

"لا نعلم أسنده محمد بن عروة، عن أبيه، عن عائشة إلا هذا".

وأحمد بن إسحاق الأهوازي: صدوق لكن خالفه الحافظ الحارث بن أبي أسامة فأخرجه في "مسنده" (257) بغية الباحث: حدثنا عثمان بن عمر، أنبأ يونس، عن الزهري، عن محمد بن عروة، عن عروة: مرسلا.

وأخرجه أبو داود في "المراسيل" (519) عن ابن وهب، حدثني يونس، عن ابن شهاب، أن محمد بن عروة، أخبره عن عروة: مرسلًا.

وذكر الدارقطني في "العلل" 14/ 121 أن خالد بن خداش - رواه - عن ابن وهب، عن يونس، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة.

وأخرجه ابن المبارك في "الزهد" (251) عن يونس بن يزيد، عن أبي مقرن، قال: حدثنا محمد بن عروة، قال:

"توفيت امرأة... فذكره".

وقال المعلّق على "الزهد":

"لم أجد من يكنى أبا مقرن إلا عبد الله بن عبيد الله الربعي ذكره الدولابي ولم يزد على أن سماه، وأما نعيم بن حماد فساق الإسناد عن ابن المبارك، قال: أخبرنا يونس، عن الزهري، قال: أخبرني محمد بن عروة، فليس في إسناده عن (أبي مقرن) أثر ولا عين".

وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 54/ 210 من طريق وكيع، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني يونس، عن الزهري، عن محمد بن عروة، عن أبيه، عن بلال، قال:

"قالت سودة رحمة الله عليها: يا رسول الله مات فلان فاستراح، فقال رسول الله ﷺ: إنما استراح من غفر له".

ورجّح الدارقطني مرسل عروة.

 

وأما حديث أبي مسعود:

فأخرجه ابن أبي شيبة 15/ 35، واسحاق كما في "المطالب العالية" (4340)، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 3/ 244 - 245، وابن أبي عاصم في "السنة" (85)، وابن أبي الدنيا في "الصبر والثواب" (10)، والطبراني 17/ (665) و (667)، والحاكم 4/ 555، والخطيب في "الفقيه والمتفقه" 1/ 423، وفي "موضح أوهام الجمع والتفريق" 1/ 391 - 392 و 480، وأبو طاهر المخلص في "المخلصيات" (2240)، واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة" (162)، والحافظ ابن حجر في "موافقة الخبر الخبر" 1/ 114 - 115 من طرق عن يسير بن عمرو، قال:

"شيعنا أبا مسعود حين خرج، فنزل في طريق القادسية فدخل بستانا، فقضى الحاجة، ثم توضأ، ومسح على جوربيه، ثم خرج، وإن لحيته ليقطر منها الماء، فقلنا له: اعهد إلينا فإن الناس قد وقعوا في الفتن، ولا ندري هل نلقاك أم لا؟ قال: اتقوا الله واصبروا حتى يستريح بر، أو يستراح من فاجر، وعليكم بالجماعة فإن الله لا يجمع أمة محمد على ضلالة".

والسياق لابن أبي شيبة، وفي بعض نسخ "المصنف" ابن مسعود.

وقال الحاكم:

"صحيح على شرط الشيخين" وأقره الذهبي.

وقال الحافظ في "التلخيص" 3/ 296:

"إسناده صحيح، ومثله لا يقال من قبل الرأي".

وله طرق أخرى عن أبي مسعود:

أخرجه الحاكم 4/ 506 - 507 من طريق محمد بن عبد الله الحضرمي، حدثنا واصل بن عبد الأعلى، حدثنا محمد بن فضيل، حدثنا أبو مالك الأشجعي، عن أبي الشعثاء، عن أبي مسعود به.

وقال الحاكم:

"هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه" وأقره الذهبي.

وأخرجه اللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" (162) من طريق أبي أسامة، عن الأعمش، عن المسيب بن رافع، قال:

"سمعت أبا مسعود حين خرج فنزل في طريق القادسية، فقلنا: اعهد إلينا فإن الناس قد وقعوا في الفتنة فلا ندري أنلقاك بعد اليوم أم لا؟ فقال: اتقوا الله واصبروا حتى يستريح بر أو يستراح من فاجر، وعليكم بالجماعة، فإن الله لا يجمع أمته على الضلالة".

وأخرجه الخطيب في "تلخيص المتشابه" 1/ 443، وفي "موضح أوهام الجمع والتفريق" 1/ 392 من طريق بقية، عن إبراهيم بن محمد الفزاري، عن الأعمش، عن المسيب بن رافع، عن يسير بن عمرو، قال:

"شيعنا أبا مسعود ... فذكره".

وأخرجه اللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" (163) من طريق مهدي بن ميمون، عن واصل الأحدب، عن أبي وائل، عن أبي مسعود به.

وأخرجه ابن بطة في "الإبانة الكبرى" (149) مقرونا بأبي وائل زر بن أبي حبيش عنه.

وأخرجه ابن أبي شيبة 15/ 182 حدثنا يزيد بن هارون، عن التيمي، عن نعيم بن أبي هند:

"أن أبا مسعود خرج من الكوفة ورأسه يقطر وهو يريد أن يحرم، فقالوا له: أوصنا، فقال: أيها الناس، اتهموا الرأي فقد رأيتني أهم أن أضرب بسيفي في معصية الله ومعصية رسوله ﷺ، قالوا: أوصنا، قال: عليكم بالجماعة فإن الله لم يكن ليجمع أمة محمد على ضلالة، قال: قالوا: أوصنا، فقال: بتقوى الله والصبر حتى يستريح بر، أو يستراح من فاجر".

وإسناده منقطع.

وأخرجه مطولًا ابن أبي شيبة 15/ 207- 208 و 302 عن عبد الله بن إدريس، عن ليث، عن عبد العزيز بن رفيع، عن أبي مسعود.

 

يستفاد من الحديث

 

قوله ﷺ لما رأى جنازة (مستريح ومستراح منه) قال الباجي في "شرح الموطأ" 2/ 34:

"يريد أن من توفي من الناس على ضربين: ضرب يستريح، وضرب يستراح منه، فسألوه عن تفسير مراده بذلك فأخبر أن المستريح هو العبد المؤمن يصير إلى رحمة الله وما أعد له من الجنة والنعمة، ويستريح من نصب الدنيا وتعبها وأذاها، والمستراح منه هو العبد الفاجر فإنه يستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب، ويحتمل أن يكون أذاه للعباد بظلمهم وأذاه للأرض والشجر بغصبها من حقها وصرفها إلى غير وجهها وإتعاب الدواب بما لا يجوز له من ذلك فهذا مستراح منه، وقال الداودي: معنى يستريح منه العباد أنهم يستريحون مما يأتي به من المنكر فإن أنكروا عليه نالهم أذاه، وإن تركوه أثموا، واستراحة البلاد أنه بما يأتي من المعاصي تخرب الأرض فيهلك لذلك الحرث والنسل. وهذا الذي ذكره فيه نظر، لأن من ناله الأذى من أهل المنكر لا يأثم بترك الإنكار عليهم ويكفيه أن ينكره بقلبه أو بوجه لا يناله به أذاه".

وفي "شرح المشكاة":

"وأما استراحة البلاد والأشجار فإن الله تعالى بفقده يرسل السماء عليكم مدرارا ويحيي به الأرض والشجر والدواب بعد ما حبس بشؤم ذنوبه الأمطار، لكن إسناد الراحة إليها مجاز إذ الراحة إنما هي لمالكها (والدواب) لاستعماله لها فوق طاقتها وتقصيره في علفها وسقيها".


كنبه

أبو سامي العبدان

حسن التمام

28 شعبان 1445 هجري

 

٭ ٭ ٭

 

  1 - أيهات: بمعنى هيهات، وهي كلمة تبعيد مبنية على الفتح. وناس يكسرونها. وقد تبدل الهاء همزة، فيقال: أيهات، ومن فتح وقف بالتاء، ومن كسر وقف بالهاء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حقوق النشر لكل مسلم يريد نشر الخير إتفاقية الإستخدام | Privacy-Policy| سياسة الخصوصية

أبو سامي العبدان حسن التمام