words' theme=''/>

علوم أهل الحديث والأثر (الأحاديث الصحيحة)

ندعو إلى التمسك بالمنهج الصحيح المتكامل لفهم الإسلام الصحيح والعمل به، والدعوة إلى الله تعالى على بصيرة، لنعود بك إلى الصدر الأول على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه رضي الله عنهم ومن سار على نهجهم من القرون الفاضلة إلى يوم الدين ...أبو سامي العبدان

الثلاثاء، 16 أبريل 2024

القيام للجنازة


(390) "قام رسول الله ﷺ، ثم قعد".

 

أخرجه مسلم (962- 82)، والترمذي (1044)، والنسائي (1999)، وفي "الكبرى" (2137)، والبيهقي 4/ 27 عن قتيبة بن سعيد، ومسلم (962- 82) عن محمد بن رمح بن المهاجر، والطبري في "تهذيب الآثار" 2/ 559 مسند عمر، وابن حبان (3055) من طريق يزيد بن خالد بن موهب، ثلاثتهم عن الليث بن سعد، عن يحيى بن سعيد، عن واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ، أنه قال: رآني نافع بن جبير ونحن في جنازة قائما، وقد جلس ينتظر أن توضع الجنازة، فقال لي: ما يقيمك؟ فقلت: أنتظر أن توضع الجنازة، لما يحدث أبو سعيد الخدري فقال نافع: فإن مسعود بن الحكم، حدثني عن علي بن أبي طالب، أنه قال: فذكره.

وقال الترمذي:

"حسن صحيح".

وأخرجه المحاملي في "أماليه" (160) من طريق سعيد بن سليمان الضبي، عن ليث، عن يحيى بن سعيد، عن نفر قد سماهم، عن علي أنه قال في الجنائز:

"قام رسول الله ﷺ، ثم قعد".

وأخرجه مسلم (962- 83)، وأبو يعلى (308)، والطبري في "تهذيب الآثار" 2/ 560 مسند عمر: من طريق عبد الوهاب بن عبد المجيد، ومسلم (962- 83) من طريق يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، وابن أبي شيبة 3/ 309 عن عائذ بن حبيب، وابن عبد البر في "التمهيد" 23/ 266- 267 من طريق زهير، أربعتهم عن يحيى بن سعيد، عن واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ، عن نافع بن جبير، عن مسعود بن الحكم، عن علي بن أبي طالب به.

وأخرجه أحمد 1/ 82، وأبو يعلى (273)، والطبري في "تهذيب الآثار" 2/ 558 مسند عمر، والطحاوي 1/ 488، والمحاملي في "أماليه" (161)، وابن حبان (3056)، والبيهقي 4/ 27، في "السنن الصغير" (1065)، وفي "المعرفة" (7540) من طريق محمد بن عمرو، قال: حدثني واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ، قال: شهدت جنازة في بني سلمة، فقمت، فقال: لي نافع بن جبير: اجلس فإني سأخبرك في هذا بثبت: حدثني مسعود بن الحكم الزرقي، أنه سمع علي بن أبي طالب برحبة الكوفة، وهو يقول:

"كان رسول الله ﷺ أمرنا بالقيام في الجنازة، ثم جلس بعد ذلك وأمرنا بالجلوس".

وقرن أبو يعلى، والمحاملي بمحمد بن عمرو: يحيى بن سعيد.

وأخرجه أبو داود (3175)، والطحاوي 1/ 488، وابن المنذر في "الأوسط" (3064)، ومحمد بن مخلد في "فوائده" مخطوط، وابن حبان (3054)، والبيهقي 4/ 27، وفي "المعرفة" (7539)، عن مالك - وهو عنده في "الموطأ" 1/ 232 - عن يحيى بن سعيد، عن واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ الأنصاري، عن نافع بن جبير بن مطعم، عن مسعود بن الحكم، عن علي بن أبي طالب:

"أن النبي ﷺ قام في الجنائز، ثم قعد بعد".

وأخرجه الحميدي (51) - ومن طريقه ابن عبد البر في "التمهيد" 23/ 266، والخطيب البغدادي في "الفقيه والمتفقه" 1/ 337 - عن سفيان بن عيينة، عن يحيى بن سعيد، عن واقد بن عمرو، عن نافع بن جبير، عن مسعود بن الحكم، عن علي أنه قال:

"إن رسول الله ﷺ إنما قام مرة واحدة ثم لم يعد".

وأخرجه عبد الرزاق (6314) عن الثوري، عن يحيى بن سعيد، عن نافع بن جبير، عن مسعود بن الحكم، عن علي:

"أن رسول الله ﷺ قام عند القبر، ثم جلس".

فلم يذكر واقدا في إسناده.

وأخرجه البزار (908)، والمحاملي في "أماليه" (159) من طريق جرير بن عبد الحميد، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، قال: حدثنا نافع بن جبير، عن مسعود بن الحكم، أن عليا حدثنا:

"أن رسول الله ﷺ قام مرة، ثم لم يقم - يعني للجنازة -".

وأخرجه مسلم (962- 84)، والنسائي (2000)، وفي "الكبرى" (2138)، وابن ماجه (1544)، وأحمد 1/ 83 و 131 و 138، وابن أبي شيبة 3/ 359، والطيالسي (145)، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات" (1668)، وأبو يعلى (288) و (570)، والطبري في "تهذيب الآثار" 2/ 561 مسند عمر، وابن الجارود (529)، والطحاوي 1/ 488، والبيهقي 4/ 27، وابن عبد البر في "التمهيد" 23/ 268 عن شعبة، عن محمد بن المنكدر، قال: سمعت مسعود بن الحكم، يحدث عن علي، قال:

"رأيت رسول الله ﷺ قام في جنازة فقمنا، ورأيته قعد فقعدنا".

وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (6312)، والبخاري في "التاريخ الكبير" 1/ 373، والبيهقي 4/ 28 عن ابن جريج، قال: أخبرني موسى بن عقبة، عن قيس بن مسعود، عن أبيه:

"أنه شهد جنازة مع علي بن أبي طالب بالكوفة، فرأى ناسا قياما ينتظرون الجنازة أن توضع، فأشار إليهم بدرة معه أو سوط اجلسوا، فإن رسول الله ﷺ قد جلس بعد ما كان يقوم".

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 1/ 373- 374، والطبري في "تهذيب الآثار" 2/ 561 مسند عمر، والبزار (909) من طريق أبي مصعب، والبزار (910) من طريق ابن جريج، كلاهما عن موسى بن عقبة، عن يوسف بن مسعود بن الحكم، عن أبيه به.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 1/ 374 من طريق إبراهيم بن طهمان، عن موسى بن عقبة، عن عيسى بن مسعود الأنصاري، عن أبيه به.

وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 1/ 374 من طريق وهيب بن خالد، والطبري في "تهذيب الآثار" 2/ 560 مسند عمر، والطحاوي 1/ 488 من طريق محمد بن جعفر بن أبي كثير، كلاهما عن موسى بن عقبة، عن إسماعيل بن مسعود بن الحكم الزرقي، عن أبيه، قال:

"شهدت جنازة بالعراق، فرأيت رجالا قياما ينتظرون أن توضع، ورأيت عليا رضي الله عنه يشير إليهم أن اجلسوا، فإن النبي ﷺ قد أمرنا بالجلوس بعد القيام".

وأخرجه أحمد 1/ 141- 142، وعبد الرزاق" (6311)، وابن الأعرابي في "معجمه" (720) عن الثوري، والطيالسي (157) عن زائدة بن قدامة، والحميدي (50) عن سفيان بن عيينة، وابن أبي شيبة 3/ 357، وأبو يعلى (266) عن أبي معاوية الضرير محمد بن خازم، أربعتهم عن ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، عن أبي معمر عبد الله بن سخبرة الأزدي، قال:

"كنا مع علي، فمر به جنازة فقام لها ناس، فقال علي: من أفتاكم هذا؟ فقالوا: أبو موسى، قال: إنما فعل ذلك رسول الله ﷺ مرة، فكان يتشبه بأهل الكتاب، فلما نُهِيَ، انتهى".

وأخرجه الطحاوي 1/ 489 من طريق عبد الواحد بن زياد، قال: حدثنا ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، عن ابن سخبرة، قال:

"كنا قعودا مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه ننتظر جنازة، فمر بجنازة أخرى، فقمنا، فقال: ما هذا القيام؟ فقلت: ما تأتونا به يا أصحاب محمد ﷺ، قال أبو موسى: قال رسول الله ﷺ: إذا رأيتم جنازة مسلم أو يهودي أو نصراني فقوموا، فإنكم لستم لها تقومون، إنما تقومون لمن معها من الملائكة. فقال علي رضي الله عنه: إنما صنع ذلك رسول الله ﷺ مرة واحدة كان يتشبه بأهل الكتاب في الشيء، فإذا نهي عنه تركه".

وأخرجه أبو يعلى (339) من طريق سفيان بن عيينة، عن ليث، عن مجاهد، عن علي، ليس فيه ذكر لابن سخبرة.

وأخرجه أحمد 4/ 413 - ومن طريقه الحازمي في "الاعتبار" (ص 121) - من طريق أبي معاوية شيبان بن عبد الرحمن النحوي، عن ليث، عن أبي بردة بن أبي موسى، عن أبيه، عن النبي ﷺ، قال:

"إذا مرت بكم جنازة، فإن كان مسلما أو يهوديا أو نصرانيا فقوموا لها، فإنه ليس لها نقوم ولكن نقوم لمن معها من الملائكة. قال ليث: فذكرت هذا الحديث لمجاهد، فقال: حدثني عبد الله بن سخبرة الأزدي، قال: إنا لجلوس مع علي رضي الله عنه ننتظر جنازة، إذ مرت بنا أخرى فقمنا، فقال علي رضي الله عنه: ما يقيمكم؟ فقلنا: هذا ما تأتونا به يا أصحاب محمد، قال: وما ذاك؟ قلت: زعم أبو موسى، أن رسول الله ﷺ قال: إذا مرت بكم جنازة إن كان مسلما أو يهوديا أو نصرانيا فقوموا لها، فإنه ليس لها نقوم، ولكن نقوم لمن معها من الملائكة. فقال علي رضي الله عنه: ما فعلها رسول الله ﷺ قط غير مرة برجل من اليهود، وكانوا أهل كتاب، وكان يتشبه بهم، فإذا نهي انتهى فما عاد لها بعد".

وأخرجه أحمد 4/ 391 من طريق عبد الوارث بن سعيد، عن ليث، عن أبي بردة، عن أبي موسى، أن رسول الله ﷺ، قال:

"إذا مرت بكم جنازة يهودي أو نصراني أو مسلم فقوموا لها، فلستم لها تقومون، إنما تقومون لمن معها من الملائكة".

وأخرجه النسائي (1923)، وفي "الكبرى" (2061)، وابن أبي شيبة 3/ 358 عن سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن أبي معمر، قال:

"كنا عند علي فمرت به جنازة فقاموا لها، فقال علي: ما هذا؟ قالوا: أمر أبي موسى، فقال: إنما قام رسول الله ﷺ لجنازة يهودية ولم يعد بعد ذلك".

 

وفي الباب عن ابن عباس:

أخرجه النسائي (1924)، وفي "السنن الكبرى" (2062)، وأحمد 1/ 200- 201 و 201، وابن أبي شيبة 3/ 358، وعبد الرزاق (6313)، والطبراني 3/ (2743) و (2744) و 12/ (12873) و (12874)، وابن عبد البر في "التمهيد" 23/ 265- 266، وفي "الاستذكار" 3/ 61، والضياء في "المختارة" (91) و (92) من طرق عن أيوب، والنسائي (1925)، وفي "السنن الكبرى" (2063)، والضياء في "المختارة" (90) من طريق منصور، والطبراني 3/ (2745)، وفي "الأوسط" (2469) من طريق ابن عون، والطبراني 3/ (2747) من طريق أشعث، أربعتهم عن محمد بن سيرين:

"أن جنازة مرت بالحسن بن علي وابن عباس، فقام الحسن ولم يقم ابن عباس، فقال الحسن: أليس قد قام رسول الله ﷺ لجنازة يهودي؟ قال ابن عباس: نعم، ثم جلس".

وهذا مرسل فقد أخرجه أحمد 1/ 200، والطبراني 3/ (2746) من طريق يزيد بن إبراهيم التستري، حدثنا محمد، قال: نبئت:

"أن جنازة مرت على الحسن بن علي، وابن عباس رضي الله عنهم، فقام الحسن، وقعد ابن عباس، فقال الحسن لابن عباس: ألم تر إلى النبي ﷺ مرت به جنازة فقام، فقال ابن عباس: بلى، وقد جلس، فلم ينكر الحسن ما قال ابن عباس رضي الله عنهما".

وقرن الطبراني بيزيد بن إبراهيم التستري: سعد بن عبد الرحمن، وأبا بكر الهذلي.

وقد تابع محمدا: أبو مجلز:

أخرجه النسائي (1926) من طريق ابن علية، والبيهقي 4/ 28 من طريق سفيان الثوري، كلاهما عن سليمان التيميّ، عن أبي مجلز:

"أن جنازة مرت بابن عباس، والحسن بن علي رضي الله عنهما، فقام أحدهما، ولم يقم الآخر، فقال أحدهما: ألم يقم النبي ﷺ؟ فقال الآخر: بلى، ثم قعد".

 وأبو مجلز: هو لاحق بن حميد بن سعيد ثقة إلا أن حديثه هذا مرسل فيما قاله يحيى بن معين، وانظر "تهذيب التهذيب" 11/ 172.

 


يستفاد من الحديث

 

قال ابن عبد البر في "الاستذكار" 3/ 61:

"قال أحمد بن حنبل وإسحاق: من قام لها فلا يعبه ومن قعد فأرجو أن لا يأثم.

وجاءت الرواية عن أبي مسعود البدري وأبي سعيد الخدري وسهل بن حنيف وقيس بن سعد أنهم كانوا يقومون للجنازة إذا مرت، وروي عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن عباس أن القيام في الجنائز كان قبل الجلوس، فبان بهذا أنهما رضي الله عنهما قد علما في ذلك الناسخ والمنسوخ، وليس من علم شيئا كمن جهله، فالصواب في هذا الباب إلى ما قاله علي وابن عباس، فقد حفظا الوجهين جميعا وعرفا الناس أن الجلوس كان من رسول الله ﷺ بعد القيام، وإلى هذا ذهب سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير ومالك بن أنس والشافعي، وقال الشافعي: القيام لها منسوخ...وذكر عبد الرزاق عن معمر عن هشام عن أبيه: أنه كان يعيب من قام إلى الميت وينكر ذلك عليه".


كتبه

أبو سامي العبدان

حسن التمام

 

٭ ٭ ٭

 

السبت، 9 مارس 2024

مستريح ومستراح منه

 

(399) "مستريح ومستراح منه. قالوا: يا رسول الله، ما المستريح والمستراح منه؟ قال: العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا وأذاها إلى رحمة الله، والعبد الفاجر يستريح منه العباد والبلاد، والشجر والدواب".

 

أخرجه البخاري (6512)، ومسلم (950 - 61)، والنسائي (1930)، وفي "الكبرى" (2068)، وأحمد 5/ 302، ومالك في "الموطأ" 1/ 241، وابن حبان (3012)، وأبو نعيم في "الحلية" 6/ 336، وفي "المستخرج" (2127)، والبيهقي 3/ 379، والبغوي (1453)، والمزي في "تهذيب الكمال" 28/ 237 - 238 عن محمد بن عمرو بن حلحلة الديلي، والنسائي (1931)، وفي "الكبرى" (2069)، وابن أبي عاصم في "ذكر الدنيا والزهد فيها" (253)، وابن حبان (3007) من طريق وهب بن كيسان، وأحمد 5/ 302، وابن عبد البر في "التمهيد" 13/ 62 و 62 - 63 من طريق محمد بن إسحاق، ثلاثتهم (محمد بن عمرو بن حلحلة، ومحمد بن إسحاق، ووهب بن كيسان) عن معبد بن كعب بن مالك، عن أبي قتادة بن ربعي، أنه كان يحدث أن رسول الله ﷺ مر عليه بجنازة، فقال: فذكره.

وأخرجه البخاري (6513)، ومسلم (950)، وأحمد 5/ 296، وأبو يعلى كما في "الفتح" 11/ 365، وأبو نعيم في "المستخرج" (2128)، والوخشي في "الخامس من الوخشيات" - مخطوط عن يحيى بن سعيد القطان، وعبد الرزاق في "المصنف" (6254)، ومن طريقه مسلم (950)، وأحمد 5/ 304، وابن السكن كما في "الفتح" 11/ 365، وأبو نعيم في "المستخرج" (2128)، وأخرجه عبد بن حميد (193) أخبرنا صفوان بن عيسى، والإسماعيلي في "مستخرجه" كما في "الفتح" 11/ 365 من طريق عبد الرحمن بن محمد المحاربي أربعتهم (يحيى بن سعيد القطان، وعبد الرزاق، وصفوان بن عيسى، وعبد الرحمن بن محمد) عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند، قال: حدثني محمد بن عمرو بن حلحلة الديلي، عن ابن لكعب بن مالك، عن أبي قتادة به.

وقال مسلم:

"وفي حديث يحيى بن سعيد (يستريح من أذى الدنيا ونصبها إلى رحمة الله)".

وأخرجه البيهقي في "الشعب" (8826) عن أبي عبد الله محمد بن أحمد بن أبي طاهر الدقاق ببغداد، أخبرنا علي بن محمد بن سليمان الخرقي، حدثنا أبو قلابة، حدثنا علي بن إبراهيم، حدثنا عبد الله بن سعيد بن أبي هند، عن محمد بن عمرو يعني: ابن حلحلة، عن معبد بن كعب بن مالك، عن أبي قتادة الأنصاري به.

قلت: لم يذكر أحد ممن رواه عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند التصريح باسم ابن كعب إلا في رواية علي بن إبراهيم ولم أعرفه، وأبو قلابة هو عبد الملك بن محمد الرقاشي: قال الدارقطني:

"صدوق، كثير الخطئ في الأسانيد والمتون، وكان يحدث من حفظه، فكثرت الأوهام منه".

وعلي بن محمد بن سليمان الخرقي، لعلّ اسم أبيه وجده مقلوب، فقد قال الخطيب في "تاريخ بغداد" 11/ 432:

"علي بن سليمان بن محمد بن عبد السلام أبو الحسن السلمي الخرقي حدث عن أبي قلابة الرقاشي، وموسى بن إسحاق الأنصاري، وأبي العباس الكديمي، حدثنا عنه أبو الحسن بن رزقويه، وأبو عبد الله بن البياض أحاديث مستقيمة".

وشيخ البيهقي أبو عبد الله الدقاق يعرف بابن البياض: قال الخطيب في "تاريخ بغداد" 1/ 371:

"وكان شيخا فاضلا، دينا، صالحا، ثقة، من أهل القرآن".

والابن جاء اسمه صريحًا فيما تقدّم من الروايات وهو معبد بن كعب بن مالك، ووقع في إسناد البخاري (6513) برواية أبي ذر عن شيوخه الثلاثة الحموي والمستملي والكشميهني كما في القسطلاني (عبد ربه بن سعيد) بدل: عبد الله بن سعيد، وقد أخرجه مسلم (950)، وأحمد 5/ 296، وأبو يعلى كما في "الفتح" 11/ 365، وأبو نعيم في "المستخرج" (2128)، والوخشي عن يحيى بن سعيد القطان، عن عبد الله بن سعيد، وتابع يحيى القطان على ذلك: عبدُ الرزاق، وصفوانُ بن عيسى، وعبدُ الرحمن بن محمد المحاربي.

وقال الحافظ في "الفتح" 11/ 365 - بعد أن ذكر الروايات التي تثبت أنه عبد الله بن سعيد -:

"وكذا أخرجه أبو نعيم في (المستخرج) من طريق إبراهيم الحربي، عن مسدد شيخ البخاري فيه مثله سواء.

قال أبو علي الجياني: هذا هو الصواب. وكذا رواه ابن السكن عن الفربري، فقال: في روايته عن عبد الله بن سعيد هو ابن أبي هند، والحديث محفوظ له لا لعبد ربه. قلت: وجزم المزي كما في "الأطراف" أن البخاري أخرجه لعبد الله بن سعيد بن أبي هند بهذا السند وعطف عليه رواية مسلم".

 

وله شواهد من حديث أبي هريرة، وعائشة، وأبي مسعود:

 

أما حديث أبي هريرة:

فأخرجه النسائي في "الكبرى" كما في "تحفة الأشراف" (12205) من طريق عبد الله بن رجاء، وابن حبان (1710) من طريق هدبة بن خالد، والبزار (9460) من طريق أبي داود الطيالسي - وهو في "مسنده" (2511) -، والحاكم 1/ 353 وصححه من طريق عمرو بن عاصم الكلابي، كلهم عن همام بن يحيى، عن قتادة، عن أبي الجوزاء، عن أبي هريرة، أن رسول الله ﷺ قال:

"المؤمن إذا حضره الموت حضرته ملائكة الرحمة فإذا قبضت نفسه جعلت في حريرة بيضاء، فينطلق بها إلى باب السماء، فيقولون: ما وجدنا ريحا أطيب من هذه، فيقال: دعوه يستريح فإنه كان في غم فيسأل ما فعل فلان ما فعل فلان ما فعلت فلانة؟ وأما الكافر فإذا قبضت نفسه وذهب بها إلى باب الأرض يقول خزنة الأرض ما وجدنا ريحا أنتن من هذه فتبلغ بها إلى الأرض السفلى".

واسناد رجاله رجال الصحيحين.

وأخرجه النسائي (1833)، والبزار (9542)، وابن حبان (3014)، والحاكم 1/ 353 وصححه من طرق عن معاذ بن هشام، حدثني أبي، عن قتادة، عن قسامة بن زهير، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ:

"إن المؤمن إذا قبض أتته ملائكة الرحمة بحريرة بيضاء، فتقول: اخرجي إلى روح الله، فتخرج كأطيب ريح مسك حتى إنهم ليناوله بعضهم بعضا يشمونه، حتى يأتون به باب السماء، فيقولون: ما هذه الريح الطيبة التي جاءت من الأرض؟ ولا يأتون سماء إلا قالوا مثل ذلك حتى يأتون به أرواح المؤمنين فلهم أشد فرحا به من أهل الغائب بغائبهم فيقولون: ما فعل فلان؟ فيقولون: دعوه حتى يستريح فإنه كان في غم الدنيا فيقول قد مات، أما أتاكم؟ فيقولون: ذهب به إلى أمه الهاوية، وأما الكافر فيأتيه ملائكة العذاب بمسح فيقولون: اخرجي إلى غضب الله فتخرج كأنتن ريح جيفة فتذهب به إلى باب الأرض".

وقال البزار:

"ولا نعلم روى هذا الحديث بهذا اللفظ إلا قتادة، عن قسامة".

وقال أبو حاتم كما في "العلل" لابنه 3/ 514:

"هذا أشبه لأن هشام (كذا) أحفظ من همام".

وتابع هشاما: معمرُ بن راشد، والقاسمُ بن الفضل الحداني:

أما متابعة معمر:

فأخرجها الحاكم 1/ 352 من طريق عبد الرزاق، أنبأ معمر، عن قتادة به.

وأما متابعة القاسم:

فأخرجها الطبراني في "الأوسط" (742) - وعنه أبو نعيم في "الحلية" 3/ 104 - من طريق سليمان بن النعمان الشيباني قال: حدثنا القاسم بن الفضل الحداني، عن قتادة به.

وحديث أبي هريرة في صحيح مسلم (2872) من حديث عبد الله بن شقيق، عنه ليس فيه موضع الشاهد.

وله شاهد من حديث أبي أيوب:

أخرجه الطبراني 4/ (3887) و (3888)، وفي "المعجم الأوسط" (148)، وفي "مسند الشاميين" (1544) من طريق مسلمة بن علي، عن زيد بن واقد، وهشام بن الغاز، عن مكحول، عن عبد الرحمن بن سلامة، عن أبي رهم السماعي، عن أبي أيوب الأنصاري، أن رسول الله ﷺ قال:

"إن نفس المؤمن إذا قبضت تلقاها أهل الرحمة من عباد الله، كما تلقون البشير من أهل الدنيا، فيقولون: أنظروا صاحبكم يستريح، فإنه في كرب شديد، ثم يسألونه: ما فعل فلان، وفلانة هل تزوجت؟ فإذا سألوه عن الرجل قد مات قبله، فيقول: أَيْهَات [1]، قد مات ذاك قبلي، فيقولون: إنا لله وإنا إليه راجعون، ذهب به إلى أمه الهاوية، بئست الأم، وبئست المربية. وقال: إن أعمالكم تعرض على أقاربكم، وعشائركم من أهل الآخرة، فإن كان خيرا فرحوا واستبشروا، وقالوا: اللهم هذا فضلك ورحمتك، فأتمم نعمتك عليه، وأمته عليها. ويعرض عليهم عمل المسيء، فيقولون: اللهم ألهمه عملا صالحا ترضى به، وتقربه إليك".

وقال الطبراني:

"لم يرو هذين الحديثين عن مكحول إلا زيد بن واقد، وهشام بن الغاز، تفرد بهما مسلمة بن علي".

وقال الهيثمي في "المجمع" 2/ 327:

"رواه الطبراني في "الكبير" و "الأوسط"، وفيه مسلمة بن علي وهو ضعيف".

قلت: بل هو متروك، لكن له طريق أخرى عن عبد الرحمن بن سلامة:

فقد أخرجه الطبراني 4/ (3889) حدثنا عمرو بن إسحاق بن إبراهيم بن العلاء بن زبريق الحمصي، حدثنا محمد بن إسماعيل بن عياش، حدثنا أبي، حدثنا ضمضم بن زرعة، عن شريح بن عبيد، قال: كان عبد الرحمن بن سلامة، يحدث أن أبا رهم، حدثهم، أن أبا أيوب: فذكره.

وعبد الرحمن بن سلمة: لم أجد له ترجمة.

ومحمد بن إسماعيل بن عياش: لم يسمع من أبيه شيئا.

وذكره ابن حبان في "المجروحين" 1/ 339 عن سلام بن سلم الطويل، عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن أبي رهم، عن أبي أيوب، عن النبي ﷺ:

"إن المؤمن إذا مات بلغته الرحمة من عباد الله عز وجل كما يتلقى البشرى في دار الدنيا، فيقبلون عليه يسألونه، فيقولون: ما فعل فلان؟ ما فعلت فلانة؟ هل تزوجت؟ فإن سألوه عن إنسان قد مات يقول: هيهات هيهات، هلك ذاك قبلي، فيقولون: إنا لله وإنا إليه راجعون، يسلك به إلى أمه الهاوية فبئست الأم وبئست المرئية، قال وتعرض على الموتى أعمالكم فإن رأوا خيرا استبشروا وقالوا اللهم هذه نعمتك فأتممها على عبدك وإن رأوا سيئة قالوا راجع عبدك فلا تخزوا موتاكم بالعمل السيء فإن أعمالكم تعرض عليهم".

وإسناده ضعيف جدًا، سلام بن سلم الطويل: متروك الحديث، والصحيح من رواية ثور بن يزيد الوقف على أبي أيوب:

أخرجه ابن المبارك في "الزهد" (443) أخبرنا ثور بن يزيد، عن أبي رهم السماعي، عن أبي أيوب الأنصاري، قال:

"إذا قبضت نفس العبد تلقاه أهل الرحمة من عباد الله كما يلقون البشير في الدنيا، فيقبلون عليه ليسألوه، فيقول بعضهم لبعض: أنظروا أخاكم حتى يستريح، فإنه كان في كرب، فيقبلون عليه فيسألونه ما فعل فلان؟ ما فعلت فلانة؟ هل تزوجت؟ فإذا سألوا عن الرجل قد مات قبله، قال لهم: إنه قد هلك، فيقولون: إنا لله وإنا إليه راجعون ذهب به إلى أمه الهاوية، فبئست الأم، وبئست المربية، قال: فيعرض عليهم أعمالهم، فإذا رأوا حسنا فرحوا واستبشروا، وقالوا: هذه نعمتك على عبدك فأتمها، وإن رأوا سوءا قالوا: اللهم راجع بعبدك".

وهذا إسناد رجاله ثقات، وله حكم الرفع.

 

وأما حديث عائشة:

فأخرجه أحمد 6/ 69 و 102 عن حسن، ويحيى، وقتيبة بن سعيد، والطبراني في "الأوسط" (9379) وعنه أبو نعيم في "الحلية" 8/ 290 من طريق المعافى بن عمران، أربعتهم عن ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة، عن عائشة قالت: جاء بلال إلى النبي ﷺ، فقال: يا رسول الله، ماتت فلانة واستراحت، فغضب رسول الله ﷺ، وقال:

"إنما يستريح من دخل الجنة".

وفي رواية لأحمد "إنما يستريح من غفر له".

ولفظ الطبراني: "إنما استراح من غفر له".

وقال الطبراني:

"لم يرو هذا الحديث عن أبي الأسود إلا ابن لهيعة، ولا عن ابن لهيعة إلا المعافى، تفرد به عبد الكبير". ووافقه أبو نعيم!

قلت: وليس الأمر كما قال رحمه الله، فقد تابع المعافى: ثلاثةٌ حسنُ بن موسى، ويحيى، وقتيبة، وله طريق أخرى عن عروة:

أخرجه البزار (789) كشف: حدثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي، حدثنا عثمان بن عمر، حدثنا يونس، يعني: ابن يزيد، عن الزهري، عن محمد بن عروة بن الزبير، عن أبيه، عن عائشة، قالت: "توفيت امرأة كان أصحاب النبي ﷺ يضحكون منها ويمازحونها، فقلت: استراحت، فقال النبي ﷺ: إنما يستريح من غفر له".

وقال البزار:

"لا نعلم أسنده محمد بن عروة، عن أبيه، عن عائشة إلا هذا".

وأحمد بن إسحاق الأهوازي: صدوق لكن خالفه الحافظ الحارث بن أبي أسامة فأخرجه في "مسنده" (257) بغية الباحث: حدثنا عثمان بن عمر، أنبأ يونس، عن الزهري، عن محمد بن عروة، عن عروة: مرسلا.

وأخرجه أبو داود في "المراسيل" (519) عن ابن وهب، حدثني يونس، عن ابن شهاب، أن محمد بن عروة، أخبره عن عروة: مرسلًا.

وذكر الدارقطني في "العلل" 14/ 121 أن خالد بن خداش - رواه - عن ابن وهب، عن يونس، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة.

وأخرجه ابن المبارك في "الزهد" (251) عن يونس بن يزيد، عن أبي مقرن، قال: حدثنا محمد بن عروة، قال:

"توفيت امرأة... فذكره".

وقال المعلّق على "الزهد":

"لم أجد من يكنى أبا مقرن إلا عبد الله بن عبيد الله الربعي ذكره الدولابي ولم يزد على أن سماه، وأما نعيم بن حماد فساق الإسناد عن ابن المبارك، قال: أخبرنا يونس، عن الزهري، قال: أخبرني محمد بن عروة، فليس في إسناده عن (أبي مقرن) أثر ولا عين".

وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 54/ 210 من طريق وكيع، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني يونس، عن الزهري، عن محمد بن عروة، عن أبيه، عن بلال، قال:

"قالت سودة رحمة الله عليها: يا رسول الله مات فلان فاستراح، فقال رسول الله ﷺ: إنما استراح من غفر له".

ورجّح الدارقطني مرسل عروة.

 

وأما حديث أبي مسعود:

فأخرجه ابن أبي شيبة 15/ 35، واسحاق كما في "المطالب العالية" (4340)، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 3/ 244 - 245، وابن أبي عاصم في "السنة" (85)، وابن أبي الدنيا في "الصبر والثواب" (10)، والطبراني 17/ (665) و (667)، والحاكم 4/ 555، والخطيب في "الفقيه والمتفقه" 1/ 423، وفي "موضح أوهام الجمع والتفريق" 1/ 391 - 392 و 480، وأبو طاهر المخلص في "المخلصيات" (2240)، واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة" (162)، والحافظ ابن حجر في "موافقة الخبر الخبر" 1/ 114 - 115 من طرق عن يسير بن عمرو، قال:

"شيعنا أبا مسعود حين خرج، فنزل في طريق القادسية فدخل بستانا، فقضى الحاجة، ثم توضأ، ومسح على جوربيه، ثم خرج، وإن لحيته ليقطر منها الماء، فقلنا له: اعهد إلينا فإن الناس قد وقعوا في الفتن، ولا ندري هل نلقاك أم لا؟ قال: اتقوا الله واصبروا حتى يستريح بر، أو يستراح من فاجر، وعليكم بالجماعة فإن الله لا يجمع أمة محمد على ضلالة".

والسياق لابن أبي شيبة، وفي بعض نسخ "المصنف" ابن مسعود.

وقال الحاكم:

"صحيح على شرط الشيخين" وأقره الذهبي.

وقال الحافظ في "التلخيص" 3/ 296:

"إسناده صحيح، ومثله لا يقال من قبل الرأي".

وله طرق أخرى عن أبي مسعود:

أخرجه الحاكم 4/ 506 - 507 من طريق محمد بن عبد الله الحضرمي، حدثنا واصل بن عبد الأعلى، حدثنا محمد بن فضيل، حدثنا أبو مالك الأشجعي، عن أبي الشعثاء، عن أبي مسعود به.

وقال الحاكم:

"هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه" وأقره الذهبي.

وأخرجه اللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" (162) من طريق أبي أسامة، عن الأعمش، عن المسيب بن رافع، قال:

"سمعت أبا مسعود حين خرج فنزل في طريق القادسية، فقلنا: اعهد إلينا فإن الناس قد وقعوا في الفتنة فلا ندري أنلقاك بعد اليوم أم لا؟ فقال: اتقوا الله واصبروا حتى يستريح بر أو يستراح من فاجر، وعليكم بالجماعة، فإن الله لا يجمع أمته على الضلالة".

وأخرجه الخطيب في "تلخيص المتشابه" 1/ 443، وفي "موضح أوهام الجمع والتفريق" 1/ 392 من طريق بقية، عن إبراهيم بن محمد الفزاري، عن الأعمش، عن المسيب بن رافع، عن يسير بن عمرو، قال:

"شيعنا أبا مسعود ... فذكره".

وأخرجه اللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" (163) من طريق مهدي بن ميمون، عن واصل الأحدب، عن أبي وائل، عن أبي مسعود به.

وأخرجه ابن بطة في "الإبانة الكبرى" (149) مقرونا بأبي وائل زر بن أبي حبيش عنه.

وأخرجه ابن أبي شيبة 15/ 182 حدثنا يزيد بن هارون، عن التيمي، عن نعيم بن أبي هند:

"أن أبا مسعود خرج من الكوفة ورأسه يقطر وهو يريد أن يحرم، فقالوا له: أوصنا، فقال: أيها الناس، اتهموا الرأي فقد رأيتني أهم أن أضرب بسيفي في معصية الله ومعصية رسوله ﷺ، قالوا: أوصنا، قال: عليكم بالجماعة فإن الله لم يكن ليجمع أمة محمد على ضلالة، قال: قالوا: أوصنا، فقال: بتقوى الله والصبر حتى يستريح بر، أو يستراح من فاجر".

وإسناده منقطع.

وأخرجه مطولًا ابن أبي شيبة 15/ 207- 208 و 302 عن عبد الله بن إدريس، عن ليث، عن عبد العزيز بن رفيع، عن أبي مسعود.

 

يستفاد من الحديث

 

قوله ﷺ لما رأى جنازة (مستريح ومستراح منه) قال الباجي في "شرح الموطأ" 2/ 34:

"يريد أن من توفي من الناس على ضربين: ضرب يستريح، وضرب يستراح منه، فسألوه عن تفسير مراده بذلك فأخبر أن المستريح هو العبد المؤمن يصير إلى رحمة الله وما أعد له من الجنة والنعمة، ويستريح من نصب الدنيا وتعبها وأذاها، والمستراح منه هو العبد الفاجر فإنه يستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب، ويحتمل أن يكون أذاه للعباد بظلمهم وأذاه للأرض والشجر بغصبها من حقها وصرفها إلى غير وجهها وإتعاب الدواب بما لا يجوز له من ذلك فهذا مستراح منه، وقال الداودي: معنى يستريح منه العباد أنهم يستريحون مما يأتي به من المنكر فإن أنكروا عليه نالهم أذاه، وإن تركوه أثموا، واستراحة البلاد أنه بما يأتي من المعاصي تخرب الأرض فيهلك لذلك الحرث والنسل. وهذا الذي ذكره فيه نظر، لأن من ناله الأذى من أهل المنكر لا يأثم بترك الإنكار عليهم ويكفيه أن ينكره بقلبه أو بوجه لا يناله به أذاه".

وفي "شرح المشكاة":

"وأما استراحة البلاد والأشجار فإن الله تعالى بفقده يرسل السماء عليكم مدرارا ويحيي به الأرض والشجر والدواب بعد ما حبس بشؤم ذنوبه الأمطار، لكن إسناد الراحة إليها مجاز إذ الراحة إنما هي لمالكها (والدواب) لاستعماله لها فوق طاقتها وتقصيره في علفها وسقيها".


كنبه

أبو سامي العبدان

حسن التمام

28 شعبان 1445 هجري

 

٭ ٭ ٭

 

  1 - أيهات: بمعنى هيهات، وهي كلمة تبعيد مبنية على الفتح. وناس يكسرونها. وقد تبدل الهاء همزة، فيقال: أيهات، ومن فتح وقف بالتاء، ومن كسر وقف بالهاء.

الأحد، 3 مارس 2024

الإسراع بالجنازة


(398) "أسرعوا بالجنازة فإن تك صالحة فخير تقدمونها إليه، وإن تك سوى ذلك فشر تضعونه عن رقابكم".

 

أخرجه البخاري (1315)، ومسلم (944- 50)، وأبو داود (3181)، والترمذي (1015)، والنسائي (1910)، وفي "الكبرى" (2048)، وابن ماجه (1477)، وأحمد 2/ 240، وابن أبي شيبة 3/ 281، والحميدي (1022)، وابن الجارود (527)، والطحاوي 1/ 478، وابن المنذر في "الأوسط" (3027)، وابن حبان (3042)، وأبو نعيم في "المستخرج" (2112)، والبيهقي 4/ 21، وفي "السنن الصغير" (1050)، وفي "المعرفة" (7482)، وفي "عذاب القبر" (41)، وابن عبد البر في "التمهيد" 16/ 32 -33، والبغوي في "شرح السنة" (1481)، والرافعي في "أخبار قزوين" 1/ 499- 500 عن سفيان بن عيينة، ومسلم (944)، وأحمد 2/ 280، والخرائطي في "مساوئ الأخلاق" (615)، وأبو نعيم في "المستخرج" (2113) عن عبد الرزاق - وهو في "مصنفه" (6247) - عن معمر، ومسلم (944)، وأحمد 2/ 240 و 280، وأبو نعيم في "المستخرج" (2114) من طريق محمد بن أبي حفصة، والطحاوي 1/ 478 من طريق زمعة بن صالح، أربعتهم عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي ﷺ، قال: فذكره.

وقال الترمذي:

"حسن صحيح".

وأخرجه مسلم (944- 51)، والنسائي (1911)، وفي "الكبرى" (2049)، وأحمد 2/ 240 و 280، والطحاوي 1/ 478، وأبو نعيم في "المستخرج" (2114)، وابن حزم في "المحلى" 5/ 154 من طريق يونس بن يزيد، عن الزهري، قال: حدثني أبو أمامة بن سهل بن حنيف، عن أبي هريرة به.

وأخرجه أحمد 2/ 488 حدثنا إسماعيل، قال: أخبرنا أيوب، عن نافع، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ:

"أسرعوا بجنائزكم فإن كان خيرا عجلتموه إليه، وإن كان شرا ألقيتموه عن عواتقكم. أو قال: عن ظهوركم".

وأخرجه ابن المنذر في "الأوسط" (3029) من طريق سعيد بن منصور، عن إسماعيل به موقوفا على أبي هريرة.

وأخرجه ابن عبد البر في "التمهيد" 16/ 32 من طريق عبد الوارث، قال: حدثنا أيوب به مرفوعا.

وأخرجه مالك في "الموطأ" 1/ 243 عن نافع، عن أبي هريرة: موقوفا.

وقال ابن عبد البر في "التمهيد" 16/ 31- 32:

"هكذا روى هذا الحديث جمهور رواة الموطأ موقوفا على أبي هريرة، ورواه الوليد بن مسلم عن مالك عن نافع عن أبي هريرة عن النبي ﷺ، لم يتابع على ذلك عن مالك، ولكنه مرفوع من غير رواية مالك من حديث نافع عن أبي هريرة من طرق ثابتة، وهو محفوظ أيضا من حديث الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا".

وفي الباب عن أبي هريرة أيضا أنه قال حين حضره الموت:

"لا تضربوا علي فسطاطا، ولا تتبعوني بمجمر، وأسرعوا بي، فإني سمعت رسول الله ﷺ يقول: إذا وضع الرجل الصالح على سريره، قال: قدموني قدموني، وإذا وضع الرجل السوء على سريره، قال: يا ويله أين تذهبون بي؟".

أخرجه النسائي (1908)، وفي "الكبرى" (2046) من طريق عبد الله بن المبارك، وأحمد 2/ 292، والربعي في "وصايا العلماء" (ص 57- 58)، والبيهقي 4/ 21 عن يزيد بن هارون، وأحمد 2/ 474 عن يحيى بن سعيد القطان، وحجاج بن محمد المصيصي، وأحمد 2/ 500 عن محمد بن عبد الله بن الزبير، والمزي في "تهذيب الكمال" 17/ 444 من طريق الطيالسي - وهو في "مسنده" (2457) -، وابن أبي شيبة 3/ 335 مختصرا عن وكيع، والطحاوي 1/ 478 من طريق ابن وهب، وابن حبان (3111) من طريق يحيى بن آدم، والربعي في "وصايا العلماء" (ص 57- 58) من طريق الوليد بن مسلم، عشرتهم عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن عبد الرحمن بن مهران، عن أبي هريرة به.

وإسناده ضعيف، عبد الرحمن بن مهران المدني: مجهول.

وأخرجه عبد الرزاق (6154) - ومن طريقه ابن المنذر في "الأوسط" (3007) - عن معمر، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، قال:

"أوصى أبو هريرة أهله أن لا يضربوا على قبره فسطاطا، ولا يتبعوه بمجمر، وأن يسرعوا به".

وهذا مما شذ به معمر، فالحديث محفوظ عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن عبد الرحمن بن مهران، عن أبي هريرة.

 

وله شواهد من حديث أبي بكرة، وأبي موسى الأشعري، وعبد الله بن جعفر:


أما حديث أبي بكرة:

فأخرجه النسائي (1913)، وفي "الكبرى" (2051)، وأحمد 5/ 37، وابن أبي شيبة 3/ 281، وابن المنذر في "الأوسط" (3028)، وابن حبان (3044)، والحاكم 1/ 355 عن هشيم، والنسائي (1913) وفي "الكبرى" (2051)، وابن حبان (3043) من طريق إسماعيل ابن علية، وأحمد 5/ 36، والبزار (3695) عن وكيع، ثلاثتهم عن عيينة بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي بكرة رضي الله عنه، قال:

"لقد رأيتنا مع رسول الله ﷺ وإنا لنكاد أن نرمل بالجنازة رملا".

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 279 حدثنا وكيع، عن عيينة بن عبد الرحمن، عن أبيه، قال:

"رأيت أبا بكرة في جنازة عبد الرحمن بن سمرة على بغلة له".

ولفظ ابن حبان (3043): "شهدت جنازة عبد الرحمن بن سمرة، وخرج زياد يمشي بين يدي سريره، ورجال يستقبلون السرير، ويداسون على أعقابهم يقولون: رويدا رويدا بارك الله فيكم، حتى إذا كنا في بعض المربد، لحقنا أبو بكرة على بغلة، فلما رأى أولئك وما يصنعون، حمل عليهم بغلته، وأهوى إليهم بسوطه، وقال: خلوا فوالذي نفسي بيده، لقد رأيتنا مع رسول الله ﷺ وإنا نكاد أن نرمل بها رملا، قال: فجاء القوم، وأسرعوا المشي، وأسرع زياد المشي".

وأخرجه أبو داود (3183)، والنسائي (1912)، وفي "الكبرى" (2050) من طريق خالد بن الحارث، وأبو داود (3183) من طريق عيسى بن يونس، وأحمد 5/ 36 و 38 عن يحيى القطان، والبزار (3680) من طريق ابن أبي عدي، والحاكم 3/ 445 من طريق عبد الله بن يزيد المقرئ، والبيهقي 4/ 22 من طريق الطيالسي - وهو في "مسنده" (924) -، ستتهم عن عيينة به.

وأخرجه أبو داود (3182)، والحاكم 3/ 446، والبيهقي 4/ 22 من طريق شعبة، عن عيينة بن عبد الرحمن، عن أبيه:

"أنه كان في جنازة عثمان بن أبي العاص، وكنا نمشي مشيا خفيفا، فلحقنا أبو بكرة فرفع سوطه، فقال: لقد رأيتنا ونحن مع رسول الله ﷺ نرمل رملا".

وهو عند الطحاوي 1/ 477 من طريق شعبة به لكن على التردد في جنازة عبد الرحمن بن سمرة، أو عثمان بن أبي العاص، والمحفوظ أنه بجنازة عبد الرحمن بن سمرة.

 

وأما حديث أبي موسى:

فأخرجه أحمد 4/ 397، وابن حبان (3150)، والبيهقي 3/ 395، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 32/ 97 من طريق الفضيل بن ميسرة، عن أبي حريز، أن أبا بردة حدثه، أن أبا موسى حين حضره الموت، قال:

"إذا انطلقتم بجنازتي، فأسرعوا المشي، ولا تتبعوني بجمر، ولا تجعلوا على لحدي شيئا يحول بيني وبين التراب، ولا تجعلوا على قبري بِناءً، وأشهدكم أني بريء من كل حالقة أو سالقة أو خارقة، قالوا: سمعت فيه شيئا؟ قال: نعم، من رسول الله ﷺ".

وأخرجه ابن ماجه (1487) من طريق الفضيل به مقتصرا على النهي عن الاتباع بمجمر.

وإسناده ضعيف، أبو حريز هو عبد الله بن الحسين الأزدي: قال الإمام أحمد: حديثه منكر.

وقال حرب بن إسماعيل: سئل أحمد بن حنبل عن أبى حريز؟ فذكر أن يحيى بن سعيد كان يحمل عليه، ولا أراه إلا كما قال.

وضعّفه أبو داود، والنسائي، والجوزجاني، وسعيد بن أبي مريم، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابعه عليه أحدٌ.

واختلف فيه قول يحيى بن معين فوثَّقه مرة، وضعّفه أخرى، ووثّقه أبو زرعة، وقال أبو حاتم: حسن الحديث، ليس بمنكر الحديث، يُكتب حديثه.

وقال الدارقطني: يعتبر به.

وذكره العقيلي في جملة الضعفاء 2/ 240.

وذكره ابن حبان في كتاب "الثقات" 7/ 24 - 25، وقال: صدوق!

وله علة أخرى، فقد قال علي بن المديني:

"سمعت يحيى بن سعيد قال: قلت للفضيل بن ميسرة: أحاديث أبي حريز؟ قال: سمعتها، فذهب كتابي، فأخذته بعد ذلك من إنسان".

والبراءة من السالقة، والحالقة، والخارقة في "صحيح مسلم" (104)، وغيره.

 

وأما حديث عبد الله بن جعفر بن أبي طالب:

فأخرجه عبد الرزاق (6253)، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/ 223- 224، والطحاوي 1/ 477- 478، وأبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة" (1497)، وابن المنذر في "الأوسط" (3032)، والحاكم 1/ 355، والبيهقي في "الشعب" (8825) من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، أنه قال:

"كنت جالسا مع عبد الله بن جعفر بن أبي طالب بالبقيع، فطلع علينا بجنازة، فأقبل علينا ابن جعفر يتعجب من مشيهم بها، فقال: عجبا لما تغير من حال الناس، والله إن كان إلا الجمز وإن كان الرجل ليلاحي الرجل، فيقول: يا عبد الله اتق الله، فوالله لكأنك قد جمز بك".

وقال الحاكم:

"إسناد صحيح" وأقره الذهبي!

وإسناده ضعيف، عبد الرحمن بن أبي الزناد: قال ابن سعد: كان يضعف لروايته عن أبيه.

 وقال الإمام أحمد: مضطرب الحديث.

وقال ابن المديني: حديثه بالمدينة مقارب، وما حدث به بالعراق فهو مضطرب.

وقال ابن المعين، وأبو حاتم، والنسائي: لا يحتج بحديثه.

وقال الساجي: فيه ضعف، ما حدث بالمدينة أصح مما حدث ببغداد.

 

يستفاد من الحديث

 

قال النووي في شرح "صحيح مسلم" 7/ 12- 13:

"قوله ﷺ (أسرعوا بالجنازة) فيه الأمر بالإسراع للحكمة التي ذكرها ﷺ، قال أصحابنا وغيرهم: يستحب الإسراع بالمشي بها ما لم ينته إلى حد يخاف انفجارها ونحوه، وإنما يستحب بشرط أن لا يخاف من شدته انفجارها أو نحوه، وحمل الجنازة فرض كفاية، قال أصحابنا: ولا يجوز حملها على الهيئة المزرية، ولا هيئة يخاف معها سقوطها، قالوا: ولا يحملها إلا الرجال، وإن كانت الميتة امرأة، لأنهم أقوى لذلك، والنساء ضعيفات وربما انكشف من الحامل بعض بدنه، وهذا الذي ذكرناه من استحباب الإسراع بالمشي بها وأنه مراد الحديث هو الصواب الذي عليه جماهير العلماء، ونقل القاضي عن بعضهم أن المراد الإسراع بتجهيزها إذا استحق موتها، وهذا قول باطل مردود بقوله ﷺ فشر تضعونه عن رقابكم، وجاء عن بعض السلف كراهة الإسراع، وهو محمول على الإسراع المفرط الذي يخاف معه انفجارها أو خروج شيء منها، قوله ﷺ (فشر تضعونه عن رقابكم) معناه أنها بعيدة من الرحمة فلا مصلحة لكم في مصاحبتها، ويؤخذ منه ترك صحبة أهل البطالة غير الصالحين".

 


كتبه

أبو سامي العبدان

حسن التمام

٭ ٭ ٭

 

 

 

 

 

 

 

 

 

حقوق النشر لكل مسلم يريد نشر الخير إتفاقية الإستخدام | Privacy-Policy| سياسة الخصوصية

أبو سامي العبدان حسن التمام