words' theme=''/>

ندعو إلى التمسك بالمنهج الصحيح المتكامل لفهم الإسلام الصحيح والعمل به، والدعوة إلى الله تعالى على بصيرة، لنعود بك إلى الصدر الأول على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه رضي الله عنهم ومن سار على نهجهم من القرون الفاضلة إلى يوم الدين ...أبو سامي العبدان

الجمعة، 7 أبريل 2023

الاجتماع للتعزية

 

(378) عن عائشة زوج النبي ﷺ:

"أنها كانت إذا مات الميت من أهلها، فاجتمع لذلك النساء، ثم تفرقن إلا أهلها وخاصتها، أمرت ببرمة من تلبينة، فطبخت، ثم صنع ثريد فصبت التلبينة عليها، ثم قالت: كلن منها، فإني سمعت رسول الله ﷺ يقول: التلبينة مجمة لفؤاد المريض، تذهب ببعض الحزن".

 

أخرجه البخاري (5417)، ومسلم (2216)، والنسائي في "الكبرى" (6659) و (7528)، وأحمد 6/ 80 و 155، والبيهقي 4/ 61، وفي "الآداب" (422)، والبغوي في "شرح السنة" (2855)، وابن بشكوال في "الآثار المروية" (35) من طريق الليث بن سعد، عن عقيل بن خالد، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة به.

وأخرجه البخاري (5689)، والنسائي في "الكبرى" (6660) عن حبان بن موسى، والطبراني في "الأوسط" (9001) من طريق نعيم بن حماد، والبيهقي 9/ 345 من طريق علي بن الحسن بن شقيق، ثلاثتهم عن ابن المبارك، عن يونس بن يزيد، عن عقيل به.

وأخرجه الترمذي (2039) من طريق أبي إسحاق الطالقاني، وأبو الشيخ في "طبقات المحدثين" 2/ 267 من طريق محمد بن سعيد بن سابق، كلاهما عن ابن المبارك، عن يونس بن يزيد، عن ابن شهاب به.

وقال الحافظ في "الفتح" 10/ 146:

 "وكذا أخرجه الإسماعيلي من رواية نعيم بن حماد ومن رواية عبد الله بن سنان كلاهما عن ابن المبارك ليس فيه عقيل، وأخرجه أيضا من رواية علي بن الحسن بن شقيق عن ابن المبارك بإثباته، وهذا هو المحفوظ، وكأن من لم يذكر فيه عقيلا جرى على الجادة، لأن يونس مكثر عن الزهري".

 

وقد يظن ظانٌ أن حديث عاصم بن كليب، عن أبيه، عن رجل من الأنصار يشهد له، اعتمادا على ما جاء في "مشكاة المصابيح" (5942)، ولفظه، قال:

"خرجنا مع رسول الله ﷺ في جنازة فرأيت رسول الله ﷺ وهو على القبر يوصي الحافر يقول: أوسع من قبل رجليه أوسع من قبل رأسه. فلما رجع استقبله داعي امرأته، فأجاب ونحن معه وجيء بالطعام فوضع يده، ثم وضع القوم فأكلوا، فنظرنا إلى رسول الله ﷺ يلوك لقمة في فمه، ثم قال: أجد لحم شاة أخذت بغير إذن أهلها. فأرسلت المرأة تقول يا رسول الله إني أرسلت إلى النقيع - وهو موضع يباع فيه الغنم - ليشترى لي شاة، فلم توجد فأرسلت إلى جار لي قد اشترى شاة أن أرسل إلي بها بثمنها، فلم يوجد فأرسلت إلى امرأته فأرسلت إلي بها، فقال رسول الله ﷺ: أطعمي هذا الطعام الأسرى".

وتابعه علي القاري في "شرح المشكاة" 9/ 3832، فقال:

"(استقبله داعي امرأته) أي: زوجة المتوفى".

قلت: وهذا خطأ من صاحب "المشكاة" وشارحه، فلا يوجد عند أحد ممن رواه بهذا اللفظ، ودونك بيانه فقد أخرجه أبو داود (3332)، والدارقطني 5/ 514- 515، والبيهقي 5/ 335، وفي "دلائل النبوة" 6/ 310 من طريق ابن إدريس، وابن أبي شيبة في "المسند" (935) عن علي بن مسهر، والدارقطني 2/ 515 من طريق عبد الواحد بن زياد، ثلاثتهم عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن رجل من الأنصار، قال:

"خرجنا مع رسول الله ﷺ في جنازة، فرأيت رسول الله ﷺ وهو على القبر يوصي الحافر: أوسع من قبل رجليه، أوسع من قبل رأسه. فلما رجع استقبله داعي امرأة فجاء وجيء بالطعام، فوضع يده، ثم وضع القوم، فأكلوا، فنظر آباؤنا رسول الله ﷺ يلوك لقمة في فمه، ثم قال: أجد لحم شاة أخذت بغير إذن أهلها. فأرسلت المرأة، قالت: يا رسول الله، إني أرسلت إلى البقيع يشتري لي شاة، فلم أجد فأرسلت إلى جار لي قد اشترى شاة، أن أرسل إلي بها بثمنها، فلم يوجد، فأرسلت إلى امرأته فأرسلت إلي بها، فقال رسول الله ﷺ: أطعميه الأسارى".

وفي رواية عبد الواحد، وعلي بن مسهر: "قالت: فبعثتُ إلى أخي عامر بن أبي وقاص، وقد اشترى شاة من البقيع فلم يكن أخي ثم، فدفع أهله الشاة إلي".

وأخرجه أحمد 5/ 293- 294 من طريق زائدة، والطحاوي 4/ 208، وفي "شرح مشكل الآثار" (3005) من طريق زهير بن معاوية، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (3006) من طريق أبي عوانة، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (7134) من طريق خالد بن عبد الله، أربعتهم عن عاصم بن كليب به، وفيه: "فلما رجعنا لقينا داعي امرأة من قريش، فقال: يا رسول الله، إن فلانة تدعوك ومن معك إلى طعام...الحديث".

وأخرجه أحمد 5/ 408، والبيهقي 3/ 414 من طريق محمد بن فضيل، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (7133)، والبيهقي 3/ 414 من طريق زائدة، كلاهما عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن رجل من الأنصار، قال:

"خرجنا مع رسول الله ﷺ بجنازة وأنا غلام مع أبي، فجلس على حفرة القبر، وجعل يومئ إلى الحفار، ويقول: أوسع من قبل الرأس، أوسع من قبل الرجلين، ورب عذق له في الجنة".

وأخرجه عبد الرزاق (6500) عن ابن عيينة، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن رجل من الأنصار:

"أن النبي ﷺ كان جالسا على قبر وهو يلحد، فقال للذي يلحد: أوسع من قبل رجليه".

وأخرجه الدارقطني 5/ 515- 516 من طريق جرير، عن عاصم بن كليب الجرمي، عن أبيه، عن رجل من مزينة، قال:

"صنعت امرأة من المسلمين من قريش لرسول الله ﷺ طعاما فدعته وأصحابه، قال: فذهب بي أبي معه، قال: فجلسنا بين يدي آبائنا مجالس الأبناء من آبائهم، قال: فلم يأكلوا حتى رأوا رسول الله ﷺ قد أكل فلما أخذ رسول الله ﷺ لقمته رمى بها، ثم قال: إني لأجد طعم لحم شاة ذبحت بغير إذن صاحبتها. فقالت: يا رسول الله أخي وأنا من أعز الناس عليه، ولو كان خيرا منها لم يغبر علي، وعلي أن أرضيه بأفضل منها، فأبى أن يأكل منها، وأمر بالطعام للأسارى".

وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (1602) من طريق أبي حنيفة، عن عاصم بن كليب، عن أبي بردة، عن أبي موسى:

"أن رسول الله ﷺ زار قوما من الأنصار في دراهم، فذبحوا له شاة، وصنعوا له منها طعاما، فأخذ من اللحم شيئا ليأكله، فمضغه ساعة لا يسيغه، فقال: ما شأن هذا اللحم؟ فقالوا: شاة لفلان، ذبحناها حتى يجيء صاحبها، فنرضيه من لحمها، فقال رسول الله ﷺ: أطعموها الأسارى".

 

ولا يُعارض حديث الباب بحديث جرير بن عبد الله البجلي، لضعف إسناده، والاضطراب في متنه، فقد أخرجه ابن ماجه (1612) من طريق سعيد بن منصور، وشجاع بن مخلد أبي الفضل، كلاهما عن هشيم، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن جرير بن عبد الله البجلي، قال:

"‌كنا ‌نرى ‌الاجتماع ‌إلى ‌أهل ‌الميت، وصنعة الطعام من النياحة".

وهذا لم يصرّح فيه هشيم بالتحديث من إسماعيل، وقيل: إن بينهما شريكا النخعي وهو سيء الحفظ [1]، قال الحافظ ابن حجر في "هدي الساري" (ص 449):

"البخاري كان لا يخرج عنه - يعني: هشيما - إلا ما صرح فيه بالتحديث، واعتبرت أنا هذا في حديثه فوجدته كذلك، إما أن يكون قد صرح به في نفس الإسناد، أو صرح به من وجه آخر".

وقد وقع اضطراب في متنه:

فأخرجه الطبراني 2/ (2279) من طريق أحمد بن منيع، حدثنا هشيم، عن إسماعيل، عن قيس، عن جرير، قال:

"كانوا يرون أن اجتماع أهل الميت، وصنعة الطعام من النياحة".

وهذا اللفظ مغاير لقوله: "كنا ‌نرى ‌الاجتماع ‌إلى ‌أهل ‌الميت...".

وأخرجه الطبراني 2/ (2278) من طريق عباد بن العوام، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، قال: قال جرير بن عبد الله:

"يعددون الميت أو قال: أهل الميت بعد ما يدفن - شك إسماعيل - قلت: نعم، قال: كنا نعدها النياحة".

وهذا إسناده على شرط البخاري، ومعنى قوله (يعددون الميت) أي: يعددون صفات الميت.

وأخرجه أحمد 2/ 204 حدثنا نصر بن باب، عن إسماعيل، عن قيس، عن جرير بن عبد الله البجلي، قال:

"كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت، وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة".

ونصر بن باب: متروك، وانظر "تقريب الرواة المختلف فيهم عند ابن شاهين" (55).

وسئل أبو داود الإمامَ أحمدَ بنَ حنبل كما في "مسائله" (1867)، فقال:

"ذكرت لأحمد حديث هشيم، عن إسماعيل، عن قيس، عن جرير: (كنا نعد الاجتماع عند أهل الميت وصنعة الطعام لهم من أمر الجاهلية)، قال: زعموا أنه سمعه من شريك، قال أحمد: وما أرى لهذا الحديث أصلا".

وقال الدارقطني في "العلل" (3353):

"يرويه هشيم بن بشير، واختلف عنه:

فرواه سريج بن يونس، والحسن بن عرفة: عن هشيم، عن إسماعيل، عن قيس، عن جرير.

ورواه خالد بن القاسم المدائني، قيل: ثقة؟ قال: لا أضمن لك هذا، جرحوه، عن هشيم، عن شريك، عن إسماعيل.

ورواه أيضا عباد بن العوام، عن إسماعيل كذلك".

وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 291 حدثنا وكيع، عن مالك بن مغول، عن طلحة، قال:

"قدم جرير على عمر، فقال: هل يناح قبلكم على الميت؟ قال: لا، قال: فهل تجتمع النساء عندكم على الميت ويطعم الطعام؟ قال: نعم، فقال: تلك النياحة".

وهذا مرسل، فطلحة بن مصرف لم يدرك عمر بن الخطاب ولا جرير بن عبد الله.

وأخرجه بحشل في "تاريخ واسط" (ص 107) من طريق يزيد بن هارون، قال: أخبرنا عمر أبو حفص الصيرفي - وكان ثقة -، قال: حدثنا سيار أبو الحكم، قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:

"كنا نعد الاجتماع عند أهل الميت بعد ما يدفن من النياحة".

وهذا منقطع بين سيار أبي الحكم وعمر بن الخطاب.

 

يستفاد من الحديث

 

أنهم كانوا يجتمعون على الميت، سواء في ذلك أهل الميت، أو اجتماع غيرهم معهم، وقد أخرج ابن أبي شيبة 3/ 290، وعبد الرزاق (6685)، والبخاري في "التاريخ الأوسط" 1/ 402، والحاكم 3/ 297، والبيهقي 4/ 71، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 16/ 278 من طرق عن الأعمش، عن أبي وائل، قال:

"لما مات خالد بن الوليد اجتمعن نسوة بني المغيرة يبكين عليه، فقيل لعمر: أرسل إليهن فانههن لا يبلغك عنهن شيء تكرهه، قال: فقال عمر: وما عليهن أن يهرقن من دموعهن على أبي سليمان ما لم يكن نقع، أو لقلقة".

وفي "التاريخ الأوسط": "اجتمعن في دار خالد".

قال ابن الأثير في "النهاية" 5/ 109:

"النقع: رفع الصوت، نقع الصوت واستنقع، إذا ارتفع.

وقيل: أراد بالنقع شق الجيوب، وقيل: أراد به وضع التراب على الرؤوس، من النقع: الغبار، وهو أولى، لأنه قرن به اللقلقة، وهي الصوت، فحمل اللفظين على معنيين أولى من حملهما على معنى واحد".

 

كتبه

أبو سامي العبدان

حسن التمام

٭ ٭ ٭

 



- وجاء في "قبول الأخبار ومعرفة الرجال" 1/ 372: قال إبراهيم - يعني: ابن عبد الله بن حاتم الهروي -: لم يسمعه هشيم من ابن أبي خالد، سمعه من شريك".

حقوق النشر لكل مسلم يريد نشر الخير إتفاقية الإستخدام | Privacy-Policy| سياسة الخصوصية

أبو سامي العبدان حسن التمام