(314)
"كان المسجد مسقوفا على جذوع من نخل، فكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطب
يقوم إلى جذع منها، فلما صنع له المنبر وكان عليه، فسمعنا لذلك الجذع صوتا كصوت
العشار، حتى جاء النبي صلى الله عليه وسلم فوضع يده عليها فسكنت".
أخرجه البخاري (918) و
(3585)، والدارمي (34)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (4180)، والبيهقي
3/ 195، وفي "دلائل النبوة" 2/ 560-561 و 561 من طرق عن يحيى بن سعيد،
قال: أخبرني حفص بن عبيد الله بن أنس بن مالك، أنه سمع جابر بن عبد الله رضي الله
عنهما، يقول: فذكره.
وله طرق عن جابر:
1 - أخرجه البخاري (449) و (2095)، والبيهقي في "دلائل
النبوة" 2/ 560 عن خلاد بن يحيى، والبخاري (3584)، والطحاوي في "شرح
مشكل الآثار" (4193)، وأبو نعيم في "تسمية ما انتهى إلينا من الرواة عن
الفضل بن دكين عاليا" (26)، والبيهقي 3/ 195، وفي "دلائل النبوة"
6/ 66 عن أبي نعيم الفضل بن دكين، وأحمد 3/ 300، وابن أبي شيبة 11/ 485 - ومن
طريقه أبو نعيم في "دلائل النبوة" (303) - عن وكيع، ثلاثتهم عن عبد
الواحد بن أيمن، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما:
"أن امرأة من الأنصار
قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله ألا أجعل لك شيئا تقعد عليه،
فإن لي غلاما نجارا قال: إن شئت. قال: فعملت له المنبر، فلما كان يوم الجمعة قعد النبي
صلى الله عليه وسلم على المنبر الذي صنع، فصاحت النخلة التي كان يخطب عندها، حتى
كادت تنشق، فنزل النبي صلى الله عليه وسلم حتى أخذها، فضمها إليه، فجعلت تئن أنين
الصبي الذي يسكت، حتى استقرت، قال: بكت على ما كانت تسمع من الذكر".
2 - أخرجه النسائي (1396)، وفي "الكبرى" (1722)، وأحمد 3/ 295
و 324، والشافعي 1/ 142، وعبد الرزاق (5254) و (5654)، والبيهقي في
"المعرفة" (6412)، وفي "دلائل النبوة" 2/ 561، وابن عبد البر
في "جامع بيان العلم وفضله" 2/ 1211 عن ابن جريج، قال: أخبرني أبو
الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله يقول:
"كان رسول الله صلى الله
عليه وسلم إذا خطب يستند إلى جذع نخلة من سواري المسجد، فلما صنع المنبر واستوى
عليه، اضطربت تلك السارية كحنين الناقة حتى سمعها أهل المسجد، حتى نزل إليها رسول
الله صلى الله عليه وسلم فاعتنقها فسكتت".
وإسناده صحيح على شرط مسلم.
3 - أخرجه ابن ماجه (1417)، وأحمد 3/ 306، والطحاوي في "شرح مشكل
الآثار" (4195)، وابن حبان (6508)، والآجري في "الشريعة" (1068) من
طريق سليمان التيمي، عن أبي نضرة، عن جابر، قال:
" كان رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقوم في أصل شجرة - أو قال: إلى جذع -، ثم اتخذ منبرا، قال: فحن
الجذع، قال جابر: حتى سمعه أهل المسجد، حتى أتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فمسحه فسكن، فقال بعضهم: لو لم يأته لحن أبدا إلى يوم القيامة".
وإسناده صحيح.
وأخرجه الطحاوي في "شرح
مشكل الآثار" (4194) من طريق الصلت بن دينار، عن أبي نضرة به.
والصلت بن دينار: متروك.
وأخرجه الطبراني في
"الأوسط" (5211)، وأبو نعيم في "دلائل النبوة" (305) من طريق
العلاء بن مسلمة البصري، قال: حدثنا شيبة أبو قلابة، عن سعيد الجريري، عن أبي
نضرة، عن جابر بن عبد الله:
"أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم كان يخطب إلى جذع نخلة فقيل له: يا رسول الله إن الإسلام قد استطار وكثر
الناس وتأتيك الوفود من الآفاق فلو أمرت بصنعة شيء تشخص عليه فدعا رجلا فقال: اصنع
منبرا فقال: نعم قال: ما اسمك؟ قال: فلان قال: لست صاحبه. ثم دعا آخر فقال له مثل
هذه المقالة فدعا آخر فقال: أتصنع المنبر؟ قال: نعم إن شاء الله؟ قال: ما اسمك؟
قال: إبراهيم، قال: خذ في صنعته فلما صنعه وصعد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم
فحن جذع النخلة التي كان يقوم عليها حنين الناقة، فسمع أهل المسجد صوتها شوقا إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزل فالتزمها وقال: والذي نفسي بيده لو تركتها حنت
إلى يوم القيامة".
وإسناده ضعيف، شيبة أبو
قلابة، والعلاء بن مسلمة البصري: مجهولان.
4 - أخرجه أحمد 3/ 293 حدثنا يحيى بن آدم، والطحاوي في "شرح مشكل
الآثار" (4190) من طريق محمد بن يوسف الفريابي، والبيهقي في "دلائل
النبوة" 2/ 561-562 من طريق آدم بن أبي إياس، ثلاثتهم عن إسرائيل، عن أبي
إسحاق، عن سعيد بن أبي كرب، عن جابر بن عبد الله، قال:
"كان رسول الله صلى الله
عليه وسلم يخطب إلى خشبة، فلما جعل منبر، حنت حنين الناقة إلى ولدها، فأتاها فوضع
يده عليها، فسكنت".
وإسناده جيد.
وأخرجه الطحاوي في "شرح
مشكل الآثار" (4189) من طريق الأعمش، عن أبي إسحاق به.
وأخرجه الدارمي (35)، وأبو
يعلى (1068) و (2177) تاما ومختصرا من طريق زكريا بن أبي زائدة، عن أبي إسحاق به.
ولفظ الدارمي: "حنت
الخشبة حنين الناقة الخلوج [1]".
ولفظ أبي يعلى (1068):
"فحنت الخشبة حنين الناقة الحلوب".
وأخرجه الطحاوي في "شرح
مشكل الآثار" (4192)، وأبو نعيم في "دلائل النبوة" (304)، والبيهقي
في "دلائل النبوة" 2/ 562 من طريق أبي عوانة، عن أبي إسحاق، عن كريب، عن
جابر به.
وقال الطحاوي:
"هكذا قال، وإنما هو ابن
أبي كرب".
5 - أخرجه الدارمي (33) و (1562)، والطحاوي في "شرح مشكل
الآثار" (4184)، والطبراني في "الأوسط" (5950)، وأبو الشيخ في
"جزء من حديثه" (72) - انتقاء ابن مردويه، والآجري في
"الشريعة" (1067)، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" (1477)
و (1478)، والبيهقي في "دلائل النبوة" 2/ 556 من طريق سليمان بن كثير،
عن الزهري، عن
سعيد بن المسيب، عن جابر بن
عبد الله، قال:
"كان النبي صلى الله
عليه وسلم يقوم إلى جذع من قبل أن يجعل المنبر، فلما جعل المنبر حن الجذع حتى
سمعنا حنينه، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم، يده عليه فسكن".
وقال الطبراني:
"لم يرو هذا الحديث عن
الزهري إلا سليمان بن كثير".
وسليمان بن كثير: ضعيف في
الزهري.
وأخرجه عبد الرزاق (5253)
أخبرنا معمر، عن الزهري، عن رجل سماه، عن جابر بن عبد الله، قال:
"كان رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقوم يوم الجمعة إلى جذع نخلة منصوب في المسجد فيخطب، حتى بدا له أن
يتخذ المنبر، فاستشار ذوي الرأي من المسلمين فرأوا أن يتخذه، فاتخذ منبرا، فلما
جاءت الجمعة، أقبل النبي صلى الله عليه وسلم، يمشي حتى جلس على المنبر، فلما فقده
الجذع حن حنينا أفزع الناس، فقام النبي صلى الله عليه وسلم من مجلسه، حتى جاءه
فقام إليه فمسحه فهدأ فلم يسمع منه حنين بعد ذلك. قال معمر: وسمعت من يقول: فلولا
ما فعل به رسول الله صلى الله عليه وسلم حن إلى يوم القيامة".
وأخرجه الطحاوي في "شرح
مشكل الآثار" (4183) من طريق شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، عن جابر بن عبد
الله الأنصاري، ولم يذكر بينهما أحدا.
وأخرجه ابن سعد في
"الطبقات الكبرى" 1/ 251 من طريق إبراهيم بن سعد الزهري، عن صالح بن
كيسان، عن ابن شهاب قال: حدثني من سمع جابر بن عبد الله.
وأخرجه أبو الشيخ في "جزء من حديثه" (73) - انتقاء ابن
مردويه، والبيهقي في "دلائل النبوة" 2/ 556 من طريق سليمان بن كثير، عن
يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، عن جابر.
6 - أخرجه الطحاوي في
"شرح مشكل الآثار" (4188) (4191) و (4192)، وأبو نعيم في "دلائل
النبوة" (304)، والبيهقي في "دلائل النبوة" 2/ 562 و 563 من طريق
الأعمش، عن أبي صالح، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما:
"أن النبي صلى الله عليه
وسلم كان يخطب إلى خشبة عليه ظلة، فقال له أصحابه: لو جعلنا لك عريشا أو شيئا
نحوه، فتجلس إليه تكون كأنك قائم، فجعل المنبر، فخطب الناس عليه، فحنت الخشبة حنين
الناقة الخلوج، فقام النبي صلى الله عليه وسلم إليها فاحتضنها، فسكتت وكانوا
يقولون: لو لم يحتضنها لم تسكت إلى يوم القيامة".
وإسناده صحيح.
7 - أخرجه الطبراني في "الأوسط" (591) - ومن طريقه الخطيب في "تاريخ بغداد" 11/ 162 - حدّثنا أحمد بن القاسم بن المساور، وأبو نعيم في "دلائل النبوة" (302) من طريق أحمد بن علي الخزاز،كلاهما عن عيسى بن المساور، قال: حدثنا الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن جابر بن عبد الله:
"أن النبي صلى الله عليه
وسلم كان يخطب إلى جذع، فلما بنى المنبر، حن الجذع، فاحتضنه النبي صلى الله عليه
وسلم، فسكن".
وزاد أبو نعيم: "قال
جابر: وأنا شاهد حين حن ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو لم أحتضنه لحن إلى
يوم القيامة".
وقال الطبراني:
"لم يرو هذا الحديث عن
الأوزاعي إلا الوليد بن مسلم، تفرد به عيسى بن المساور".
8 - أخرجه الطبراني في "الأوسط" (5499) حدثنا محمد بن عثمان
بن أبي شيبة، قال: حدثنا أحمد بن طارق الوابشي، قال: حدثنا عمرو بن عطية العوفي،
عن أبيه، عن جابر:
"أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم كان يصلي إلى سارية في المسجد، ويخطب إليها يعتمد عليها، فأمرت عائشة
فصنعت له منبره هذا، فلما قام إليه وترك مقامه إلى السارية خارت السارية خوارا
شديدا حين ترك النبي صلى الله عليه وسلم مقامه شوقا إلى نبي الله صلى الله عليه
وسلم، فمشى نبي الله صلى الله عليه وسلم إليها حتى اعتنقها، فلما اعتنقها هدأ
الصوت الذي سمعنا، فقلت: أنت سمعته؟ فقال: أنا سمعته وأهل المسجد، وهي أحد السواري
التي تلي الحجرة".
وقال الطبراني:
"لم يرو هذا الحديث عن
عطية إلا ابنه، وتفرد به أحمد بن طارق".
وإسناده ضعيف، عطية بن سعد
العوفي: ضعيف.
وابنه عمرو بن عطية العوفي:
ضعفه الدارقطني، وغيره.
وقال البخاري: في حديثه نظر.
وأحمد بن طارق الوابشي: لم أجده، وقد تفرّد بالرواية عنه محمد بن
عثمان بن أبي شيبة: وهذا الآخر قد اختلف فيه، ودافع عنه العلّامة
المعلمي في "التنكيل" 2/ 694 - 696.
وفي الباب عن
ابن عمر، وسهل بن سعد، وأنس، وابن عباس، وأبيّ بن كعب، وأبي سعيد الخدري، وبريدة
الأسلمي، ومعاذ بن جبل، وأم سلمة، وأبي هريرة:
أما حديث عبد
الله بن عمر:
فأخرجه البخاري (3583)،
والترمذي (505)، والدارمي (31)، وأبو محمد الفاكهي في "الفوائد" (219)،
وابن الأعرابي في "المعجم" (1885)، وابن حبان (6506)، وابن قانع في
"معجم الصحابة" 2/ 83، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد"
(1469)، والبيهقي 3/ 196، وفي "دلائل النبوة" 2/ 556 و 557 و 557 -558 و
6/ 66-67 من طرق عن معاذ بن العلاء، عن نافع، عن ابن عمر:
"أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم كان يقوم إلى جذع، فيخطب يوم الجمعة، وأنه لما صنع المنبر تحول إليه فحن
الجذع، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسحه".
وقال الترمذي:
"حديث حسن غريب
صحيح".
وأخرجه البخاري (3583) معلقا،
وأبو داود (1081)، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" (1470)، والبيهقي
3/ 195 من طريق ابن أبي رواد، حدثني نافع، عن عبد الله بن عمر:
"أن تميما الداري قال
لرسول الله صلى الله عليه وسلم لما أسن وثقل: ألا نتخذ لك منبرا يحمل - أو يجمع أو
كلمة تشبهها - عظامك، فاتخذ له مرقاتين أو ثلاثة، فجلس عليها، قال: فصعد النبي صلى
الله عليه وسلم، فحن جذع كان في المسجد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب
يستند إليه، فنزل النبي صلى الله عليه وسلم فاحتضنه، فقال له شيئا لا أدري ما هو،
ثم صعد المنبر، وكانت أساطين المسجد جذوعا وسقائفه جريدا".
وأخرجه ابن المظفر في
"غرائب حديث مالك" (55) من طريق أبي عمر عبد العزيز بن الحسن بن بكر بن
عبد الله بن عطاء بن الشرود، حدثني أبي، عن جدي، حدثنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر
بنحوه.
وإسناده ضعيف جدا، بكر بن
الشرود: قال ابن معين: كذاب، ليس بشيء.
وقال النسائي: ضعيف.
وعبد العزيز بن الحسن بن بكر
بن عبد الله بن عطاء بن الشرود: قال الدارقطني: هو، وأبوه، وجده: ضعفاء.
وأخرجه ابن المظفر في
"غرائب حديث مالك" (56) من طريق سفيان بن وكيع، حدثنا عبد الله بن رجاء،
عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر:
"أن تميما الداري قال
للنبي صلى الله عليه وسلم: ألا أتخذ لك منبرا تكلم الناس عليه؟ فاتخذ له منبرا له
أربع قوائم. فلما صعد حن الجذع الذي كان يخطب إليه فنزل النبي صلى الله عليه وسلم
فاحتضنه حتى سكن".
وإسناده ضعيف من أجل سفيان بن
وكيع.
وأخرجه أحمد 2/ 109 حدثنا
حسين، حدثنا خلف، عن أبي جناب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمر، قال:
"كان جذع نخلة في المسجد
يسند رسول الله صلى الله عليه وسلم ظهره إليه إذا كان يوم جمعة، أو حدث أمر يريد
أن يكلم الناس، فقالوا: ألا نجعل لك يا رسول الله شيئا كقدر قيامك؟ قال: لا عليكم
أن تفعلوا. فصنعوا له منبرا ثلاث مراقي، قال: فجلس عليه، قال: فخار الجذع كما تخور
البقرة جزعا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالتزمه ومسحه حتى سكن".
وأخرجه أحمد 2/ 23 حدثنا
وكيع، حدثنا أبو جناب، عن أبيه، عن ابن عمر، قال:
"كان النبي صلى الله
عليه وسلم عند هذه السارية، وهي يومئذ جذع نخلة - يعني يخطب -".
وإسناده ضعيف، فإن مداره على
أبي جناب يحيى بن أبي حية الكلبي وهو ضعيف.
وأما حديث
سهل بن سعد الساعدي:
فقد تقدّم تخريجه تحت الحديث
رقم (114) من طرق عن أبي حازم بن دينار:
"أن نفرا جاءوا إلى سهل
بن سعد، قد تماروا في المنبر من أي عود هو؟ فقال: أما والله إني لأعرف من أي عود
هو، ومن عمله، ورأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أول يوم جلس عليه، قال فقلت له:
يا أبا عباس، فحدثنا، قال: أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى امرأة - قال أبو
حازم: إنه ليسميها يومئذ - انظري غلامك النجار، يعمل لي أعوادا أكلم الناس عليها.
فعمل هذه الثلاث درجات، ثم أمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوضعت هذا
الموضع، فهي من طرفاء الغابة. ولقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قام عليه
فكبر وكبر الناس وراءه، وهو على المنبر، ثم رفع فنزل القهقرى حتى سجد في أصل
المنبر، ثم عاد، حتى فرغ من آخر صلاته، ثم أقبل على الناس فقال: يا أيها الناس إني
صنعت هذا لتأتموا بي، ولتعلموا صلاتي".
وأخرجه ابن أبي شيبة 11/ 485،
وفي "مسنده" (87) عن سفيان بن عيينة، عن أبي حازم، عن سهل، وفيه: "
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستند إلى جذع في المسجد يصلي إليه إذا خطب، فلما
اتخذ المنبر فقعد عليه حن الجذع، قال: فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فوطده
حتى سكن".
وأخرجه الدارمي (40) و
(1565)، والطبراني 6/ (5977)، والآجري في "الشريعة" (1071)، وأبو نعيم
في "دلائل النبوة" (307) من طريق المسعودي، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد
رضي الله عنه، قال:
"كان رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقوم إلى خشبة، فلما كثر الناس، قالوا: يا رسول الله، إن الناس قد
كثروا، أفلا نتخذ لك منبرا تقوم عليه، فإن الجائي يجيء، فيشتد عليه أن يرجع ولم
يسمع منك شيئا، فأمر غلاما للأنصار، فأخذ من طرفاء الغابة، فجعل له هذا المنبر،
فلما جلس عليه حنت الخشبة التي كان يقوم إليها، فجاء فوضع يده عليها حتى
سكتت".
وأخرجه أحمد 5/ 337،
والطبراني 6/ (5732) من طريق عبد الله بن عمر العمري، عن العباس بن سهل الساعدي،
عن أبيه:
"أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم كان يستند إلى جذع، فقال: قد كثر الناس ولو كان لي شيء، يعني: أقعد
عليه، قال عباس: فذهب أبي فقطع عيدان المنبر من الغابة، قال: فما أدري عملها أبي
أو استعملها".
وإسناده ضعيف لضعف العمري.
وأخرجه الروياني (1090) حدثنا
أحمد بن عبد الرحمن، حدثنا عمي، حدثني ابن لهيعة، عن عمارة بن غزية، أنه سمع عباس
بن سهل بن سعد يخبر، عن أبيه، قال:
"كان رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقوم إذا خطب إلى خشبة ذات أثل كانت في المسجد فلما فرع الناس وكثروا
قيل له: يا رسول الله، لو كنت جعلت منبرا تشرف للناس عليه، فإنهم قد كثروا، قال:
ما أبالي. قال: وكان بالمدينة نجار واحد يقال له: ميمون، قال: فبعث النجار إلي
فانطلق وانطلقت معه حتى أتينا الخافقين فقطعنا منه أثلا فعمله، قال: فوالله ما هو
إلا أن قعد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فتكلم وفقدته الخشبة فخارت كما يخور
الثور لها حنين، فجعل العباس يمد يديه كنحو ما رأى أباه يمد يده ليحكي حنين الخشبة
حتى فرغ، وأكثر البكاء مما رأو بها، قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: سبحان الله،
ألا ترون هذه الخشبة؟ انزعوها واجعلوها تحت المنبر فنزعوها فدفنوها تحت
المنبر".
وإسناده ضعيف من أجل شيخ
الروياني وهو ابن أخي عبد الله بن وهب، واسمه أحمد بن عبد الرحمن بن وهب بن مسلم:
صدوق تغير بأخرة كما في "التقريب".
وله طريق أخرى عن ابن لهيعة:
أخرجه الطحاوي في "شرح
مشكل الآثار" (4196)، وابن بشران في "أماليه" (421) من طريق يحيى
بن عبد الله بن بكير، أخبرنا عبد الله بن لهيعة، حدثني عمارة بن غزية، أنه سمع
عباس بن سهل بن سعد الساعدي به.
وابن لهيعة: سيء الحفظ، وله
طريقان آخران عن عباس بن سهل بن سعد:
أ - أخرجه ابن سعد في
"الطبقات الكبرى" 1/ 250-251، والبيهقي في "دلائل النبوة" 2/
559-560 من طريق سعد بن سعيد بن قيس، عن عباس بن سهل بن سعد، عن أبيه بنحوه.
وسعد بن سعيد: صدوق يخطئ،
وانظر "تقريب الرواة المختلف فيهم عند ابن شاهين" (16).
ب - أخرجه الطبراني 6/ (5726)
من طريق عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد، حدثني أبي، عن جدي، قال:
"كان رسول الله صلى الله
عليه وسلم قبل أن يبني المسجد يصلي إلى خشبة، فلما بنى المسجد، بنى له محراب،
فتقدم إليه فحنت الخشبة حنين البعير، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده عليها
فسكنت".
وأخرجه ابن سعد في
"الطبقات الكبرى" 1/ 251 من طريقه، بلفظ: "قطع للنبي صلى الله عليه
وسلم ثلاث درجات من طرفاء الغابة، وأن سهلا حمل خشبة منهن حتى وضعها في موضع
المنبر".
وعبد المهيمن بن عباس بن سهل:
واه.
وله طريق أخرى عن سهل:
أخرجه الطبراني 6/ (6018) من
طريق عبيد بن واقد، حدثنا أبو عبد الله الغفاري، قال: سمعت سهل بن سعد يقول:
"كنت جالسا مع خال لي من
الأنصار فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: اخرج إلى الغابة وائتني من خشبها،
فاعمل لي منبرا أكلم عليه الناس. فعمل منبرا عتبتان وجلس عليها".
وعبيد بن واقد: ضعيف.
وأبو عبد الله الغفاري: لم
أجد له ترجمة، وقال الدارقطني كما في "أطراف الغرائب والأفراد" (2151):
"ولم يسمى".
وأما حديث
أنس بن مالك:
فأخرجه الترمذي (3627)، والدارمي (41)، وابن خزيمة (1777)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (4179)، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" (1472)، والبيهقي في "دلائل النبوة" 2/ 558 من طريق عكرمة بن عمار، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك:
"أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم كان يقوم يوم الجمعة فيسند ظهره إلى جذع منصوب في المسجد فيخطب، فجاء
رومي فقال: ألا نصنع لك شيئا تقعد وكأنك قائم؟ فصنع له منبرا له درجتان، ويقعد على
الثالثة، فلما قعد نبي الله صلى الله عليه وسلم على المنبر خار الجذع خوار الثور
حتى ارتج المسجد بخواره حزنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزل إليه رسول
الله صلى الله عليه وسلم من المنبر، فالتزمه وهو يخور، فلما التزمه رسول الله صلى
الله عليه وسلم سكت، ثم قال: والذي نفسي بيده، لو لم ألتزمه ما زال هكذا حتى تقوم
الساعة حزنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمر به رسول الله صلى الله عليه
وسلم فدفن".
وقال الترمذي:
"حديث حسن صحيح".
وأخرجه ابن ماجه (1415)،
وأحمد 1/ 248 و 266-267 و 363، وابن أبي شيبة 11/ 486، وعبد بن حميد (1336)،
والدارمي (39) و (1564)، وأبو يعلى (3384)، والطحاوي في "شرح مشكل
الآثار" (4178) من طرق عن حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن أنس:
"أن النبي صلى الله عليه
وسلم كان يخطب إلى جذع فلما اتخذ المنبر ذهب إلى المنبر، فحن الجذع، فأتاه فاحتضنه
فسكن، فقال: لو لم أحتضنه لحن إلى يوم القيامة".
وأخرجه أحمد 3/ 226، وابن المبارك في "مسنده" (48)، وفي "الزهد" (1021)، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات" (3219)، وأبو يعلى (2756)، وابن خزيمة (1776)، وابن الأعرابي في "المعجم" (2257)، وابن حبان (6507)، والآجري في "الشريعة" (1069) و (1070)، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" (1473)، وأبو طاهر المخلص في "جزء فيه سبعة مجالس من أماليه" (81)، والبيهقي في "دلائل النبوة " 2/ 559، والخطيب في "تاريخ بغداد" 12/ 486، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله" 2/ 1212، والذهبي في "الميزان" 3/ 432 عن المبارك بن فضالة، عن الحسن، قال: حدثني أنس بن مالك:
"أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم كان يخطب يوم الجمعة، ويسند ظهره إلى خشبة، فلما كثر الناس قال: ابنوا
لي منبرا. فبنوا له منبرا، إنما كان عتبتين، فتحول من الخشبة إلى المنبر، فحنت
والله الخشبة حنين الواله، فقال أنس: أنا والله في المسجد أسمع ذلك، والله ما زالت
تحن حتى نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم من المنبر، ومشى إليها فاحتضنها، فسكنت.
فبكى الحسن، وقال: يا معشر المسلمين، الخشب تحن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
شوقا إليه، أفليس الرجال الذين يرجون لقاءه أحق أن يشتاقوا إليه؟".
وهذا حديث صحيح لغيره.
وأخرجه الطبراني في
"المعجم الأوسط" (1408) و (3631) - ومن طريقه الضياء في "الأحاديث
المختارة" (1861) - من طريق يحيى بن محمد بن السكن، قال: حدثنا حبان بن هلال،
عن يزيد بن إبراهيم التستري قال: سمعت الحسن يقول: أخبرني أنس بن مالك بنحوه.
وقال الطبراني:
"لم يرو هذا الحديث عن
يزيد بن إبراهيم إلا حبان، تفرد به يحيى بن محمد".
وأخرجه الحارث بن أبي أسامة
(200) حدثنا يعلى ( وهو في "جزءه" (317) ) حدثنا عبد الحكم، عن أنس،
قال:
"كان النبي صلى الله
عليه وسلم يخطب إلى جذع فحن الجذع فاحتضنه، وقال: لو لم أحتضنه لحن إلى يوم
القيامة".
وإسناده ضعيف، يعلى هو ابن
عباد الكلابي: ضعفه الدارقطني.
وعبد الحكم هو ابن عبد الله
القسملي: ضعيف.
وأخرج أحمد 3/ 179 عن وكيع، حدثنا سلمة بن وردان، قال: سمعت
أنس بن مالك يقول:
"خطب رسول الله صلى الله
عليه وسلم على المنبر".
وسلمة بن وردان: ضعيف.
وأما حديث
عبد الله بن عباس:
فأخرجه ابن ماجه (1415)،
وأحمد 1/ 248 و 266-267 و 363، وابن أبي شيبة 11/ 484، وعبد بن حميد (1336)، وابن
سعد في "الطبقات الكبرى" 1/ 252، والدارمي (39) و (1563)، والطحاوي في
"شرح مشكل الآثار" (4177)، والطبراني 12/ (12841)، واللالكائي في "شرح
أصول الاعتقاد" (1471)، والبيهقي في "دلائل النبوة" 2/ 558 من طرق
عن حماد بن سلمة، عن عمار بن أبي عمار، عن ابن عباس:
"أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم كان يخطب إلى جذع قبل أن يتخذ المنبر، فلما اتخذ المنبر وتحول إليه، حن
عليه، فأتاه فاحتضنه فسكن، قال: لو لم أحتضنه، لحن إلى يوم القيامة".
وإسناده على شرط مسلم.
وأخرجه ابن سعد في
"الطبقات الكبرى" 1/ 188 أخبرنا علي بن محمد، عن علي بن مجاهد، عن عبد
الأعلى بن ميمون بن مهران، عن أبيه، قال: قال عبد الله بن عباس:
"كان رسول الله صلى الله
عليه وسلم يخطب إلى خشبة كانت في المسجد، فلما صنع المنبر فصعده رسول الله صلى
الله عليه وسلم حنت الخشبة، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحتضنها
فسكنت".
وإسناده تالف، علي بن مجاهد:
متهم بالكذب.
وأما حديث
أبيّ بن كعب:
فأخرجه ابن ماجه (1414) حدثنا
إسماعيل بن عبد الله الرقي، وأحمد 5/ 137، والدارمي (36)، والشاشي (1445)،
واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" (1474) عن زكريا بن عدي، وابن سعد في
"الطبقات الكبرى" 1/ 251-252، والشاشي (1446) مختصرا عن عبد الله بن
جعفر الرقي، وعبد الله بن أحمد في "زوائده" على "المسند" 5/
138-139- ومن طريقه أبو نعيم في "دلائل النبوة" (306) -، واللالكائي في
"شرح أصول الاعتقاد" (1474)، والبيهقي في "دلائل النبوة" 6/
67 عن عيسى بن سالم أبي سعيد الشاشي، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"
(4176) من طريق علي بن معبد الرقي، خمستهم عن عبيد الله بن عمرو الرقي، عن عبد
الله بن محمد بن عقيل، عن الطفيل بن أبي بن كعب، عن أبيه، قال:
"كان رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقرب إلى جذع إذ كان المسجد عريشا، وكان يخطب إلى ذلك الجذع، فقال رجل
من أصحابه: يا رسول الله، هل لك أن تجعل لك شيئا تقوم عليه يوم الجمعة، حتى يراك
الناس وتسمعهم خطبتك؟ قال: نعم. فصنع له ثلاث درجات اللاتي على المنبر، فلما صنع
المنبر، ووضع في موضعه الذي وضعه فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أراد أن
يأتي المنبر مر عليه، فلما جاوزه خار الجذع، حتى تصدع وانشق، فرجع رسول الله صلى
الله عليه وسلم فمسحه بيده حتى سكن، ثم رجع إلى المنبر، وكان إذا صلى، صلى إليه،
فلما هدم المسجد وغير، أخذ ذاك الجذع أبي بن كعب، فكان عنده حتى بلي وأكلته
الأرضة، وعاد رفاتا".
وأخرجه عبد الله بن أحمد في "زوائده" على "المسند" 5/ 138 من طريق سعيد بن سلمة بن أبي الحسام المديني، والشافعي 1/ 143 - ومن طريقه البيهقي في "المعرفة" (6413)، وفي "دلائل النبوة" 6/ 67 - عن إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى، كلاهما عن عبد الله بن محمد بن عقيل به.
وإسناده ضعيف، لأن مداره على
عبد الله بن محمد بن عقيل وهو ليّن الحديث، فقد ضعفه جمعٌ من الحفّاظ.
وأما حديث
أبي سعيد الخدري:
فأخرجه ابن أبي شيبة 11/ 486،
والدارمي (37)، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" (1476)، وأبو نعيم في
"دلائل النبوة" (308) عن أبي أسامة، عن مجالد، عن أبي الوداك، عن أبي
سعيد رضي الله عنه، قال:
"كان رسول الله صلى الله
عليه وسلم يخطب إلى لزق جذع فأتاه رجل رومي، فقال: أصنع لك منبرا تخطب عليه، فصنع
له منبرا هذا الذي ترون، قال: فلما قام عليه النبي صلى الله عليه وسلم يخطب، حن
الجذع حنين الناقة إلى ولدها، فنزل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فضمه إليه
فسكن، فأمر به أن يحفر له ويدفن".
وأخرجه أبو يعلى (1067) من
طريق يحيى بن زكريا، عن مجالد، عن أبي الوداك، عن أبي سعيد، قال:
"كان النبي صلى الله
عليه وسلم يقوم إلى خشبة يتوكأ عليها، يخطب كل جمعة حتى أتاه رجل من القوم، فقال:
إن شئت جعلت لك شيئا إذا قعدت عليه كنت كأنك قائم؟ قال: نعم. قال: فجعل له المنبر،
فلما جلس عليه حنت الخشبة حنين الناقة على ولدها، حتى نزل النبي صلى الله عليه
وسلم فوضع يده عليها، فلما كان من الغد، رأيتها قد حولت، فقلنا: ما هذا؟ قالوا:
جاء النبي صلى الله عليه وسلم البارحة وأبو بكر وعمر فحولوها".
ومداره على مجالد بن سعيد وهو
ضعيف.
وأخرجه البزار (635) - كشف:
حدثنا محمود بن بكر، حدثنا أبي، عن عيسى بن المختار، عن محمد بن أبي ليلى، عن
عطية، عن أبي سعيد، قال:
"كان لرسول الله صلى
الله عليه وسلم خشبة يقوم إليها، فجاء رجل فأمره أن يجعل له كرسيا، فقام النبي صلى
الله عليه وسلم يخطب عليه، فحنت الخشبة التي كان يقوم عندها حتى سمع أهل المسجد
حنينها - قال: فقلت للعوفي: أنت سمعته؟ قال: نعم، سمعته لعمري - فجاء النبي صلى
الله عليه وسلم حتى احتضنها فسكنت".
وقال البزار:
"لا نعلمه عن أبي سعيد
إلا من وجهين: أحدهما: رواه مجالد عن أبي الوداك، ولفظه غير لفظ هذا".
وإسناده ضعيف، عطية وهو ابن
سعد العوفي: ضعيف.
ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي
ليلى: سيء الحفظ.
وأما حديث
بريدة الأسلمي:
فأخرجه الدارمي (32) - ومن
طريقه ابن حجر في "موافقة الخبر الخبر" 1/ 238 - أخبرنا محمد بن حميد،
حدثنا تميم بن عبد المؤمن، حدثنا صالح بن حيان، حدثني ابن بريدة، عن أبيه، قال:
"كان النبي صلى الله
عليه وسلم إذا خطب قام فأطال القيام، فكان يشق عليه قيامه، فأتي بجذع نخلة فحفر
له، وأقيم إلى جنبه قائما للنبي صلى الله عليه وسلم، فكان النبي صلى الله عليه
وسلم إذا خطب فطال القيام عليه، استند إليه، فاتكأ عليه، فبصر به رجل كان ورد
المدينة فرآه قائما إلى جنب ذلك الجذع، فقال لمن يليه من الناس: لو أعلم أن محمدا
يحمدني في شيء يرفق به، لصنعت له مجلسا يقوم عليه، فإن شاء جلس ما شاء، وإن شاء
قام، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ائتوني به. فأتوه به فأمره أن يصنع
له هذه المراقي الثلاث أو الأربع - هي الآن في منبر المدينة -، فوجد النبي صلى
الله عليه وسلم في ذلك راحة، فلما فارق النبي صلى الله عليه وسلم الجذع وعمد إلى
هذه التي صنعت له، جزع الجذع، فحن كما تحن الناقة حين فارقه النبي صلى الله عليه
وسلم، فزعم ابن بريدة، عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم حين سمع حنين الجذع
رجع إليه فوضع يده عليه، وقال: اختر أن أغرسك في المكان الذي كنت فيه، فتكون كما
كنت، وإن شئت أن أغرسك في الجنة فتشرب من أنهارها وعيونها فيحسن نبتك، وتثمر فيأكل
أولياء الله من ثمرتك ونخلك فعلت. فزعم أنه سمع من النبي صلى الله عليه وسلم وهو
يقول له: نعم قد فعلت مرتين. فسأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: اختار أن أغرسه
في الجنة".
وقال ابن حجر:
"هذا حديث غريب، واسناده
ضعيف، وصالح بن حيان - بمهملة وتحتانية ثقيلة -: كوفي ضعيف، والراوي عنه لم أر من
ترجمه [2]
ولا أعرف له راويا إلا محمد بن حميد وهو رازي من الحفاظ وقد تكلموا فيه، وخولف
تميم عن شيخه في صحابي هذا الحديث".
ثم ساق إسناده إلى الطبراني في "الأوسط" - (2250) [3]
- حدثنا
أحمد بن محمد بن أحمد
الجواربي، قال: حدثنا عمي علي بن أحمد، قال: حدثنا قبيصة بن عقبة، قال: حدثنا حبان
بن علي، عن صالح بن حيان، عن عبد الله بن بريدة، عن عائشة رضي اللَّه عنها قالت:
"كان رسول اللَّه صلى
الله عليه وسلم يقوم إلى جذع...". فذكر نحو حديث ابن بريدة عن أبيه بطوله،
لكن ليس بتمامه.
وقال الطبراني:
" لم يرو هذا الحديث عن عائشة إلا ابن بريدة، ولا عن ابن بريدة
إلا
صالح بن حيان، ولا عن صالح
إلا حبان، ولا عن حبان إلا قبيصة، تفرد به علي بن أحمد الجواربي".
وقال ابن حجر:
"إن أراد بقيد كونه عن
عائشة قُبل، وإلا رد برواية الدارمي السابقة، وحبان بن علي - بكسر المهملة وتشديد
الموحدة -: كوفي ضعيف كشيخه".
وأما حديث
معاذ بن جبل:
فأخرجه إسحاق بن راهويه كما
في "المطالب العالية" (706)، وأخرجه البزار (2632) حدثنا عبد الله بن
سعيد الكندي، والفاكهي في "أخبار مكة" (1984) حدثنا أبو بكر محمد بن
أبان، والشاشي (1368)، والطبراني 20/ (354)، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان"
2/ 175 من طريق محمد بن سعيد الأصبهاني، أربعتهم عن عقبة بن خالد، عن موسى بن محمد
بن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن السلولي، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه، عن النبي صلى
الله عليه وسلم، قال:
"إن أتخذ منبرا فقد
اتخذه أبي إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وإن أتخذ العصا فقد اتخذها أبي إبراهيم
عليه السلام".
وقال البزار:
"وهذا الحديث لا نعلمه
يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد".
وإسناده ضعيف، موسى بن محمد
بن إبراهيم التيمي: منكر الحديث.
وأما حديث أم
سلمة:
فأخرجه الطبراني 23/ (524)،
والبيهقي في "دلائل النبوة" 2/ 563 من طريق تميم بن المنتصر، قال: حدثنا
إسحاق الأزرق، عن شريك بن عبد الله، عن عمار الدهني، عن أبي سلمة عبد الرحمن، عن
أم سلمة:
"أن النبي صلى الله عليه
وسلم كان يخطب إلى جذع في المسجد، فلما صنع المنبر حن الجذع فاعتنقه النبي صلى
الله عليه وسلم، فسكن".
شريك بن عبد الله بن أبي شريك
النخعي: ضعيف، لكنه لم يتفرّد به فقد تابعه عمرو بن أبي قيس الرازي:
أخرجه الطبراني 23/ (525)
حدثنا علي بن سعيد الرازي، حدثنا محمد بن مسلم بن وارة، حدثنا محمد بن سعيد بن
سابق، حدثنا عمرو بن أبي قيس، عن عمار الدهني به.
وأما حديث
أبي هريرة:
فأخرجه ابن سعد في
"الطبقات الكبرى" 1/ 249-250 أخبرنا محمد بن عمر، أخبرنا محمد بن عبد
الرحمن بن أبي الزناد، عن عبد المجيد بن سهيل، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال:
وحدثني غير محمد بن عبد الرحمن أيضا ببعض ذلك، قالوا:
"كان رسول الله صلى الله
عليه وسلم يوم الجمعة يخطب إلى جذع في المسجد قائما، فقال: إن القيام قد شق علي.
فقال له تميم الداري: ألا أعمل لك منبرا كما رأيت يصنع بالشام، فشاور رسول الله صلى
الله عليه وسلم المسلمين في ذلك فرأوا أن يتخذه، فقال العباس بن عبد المطلب: إن لي
غلاما يقال له: كلاب أعمل الناس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مره أن
يعمله. فأرسله إلى أثلة بالغابة فقطعها، ثم عمل منها درجتين ومقعدا، ثم جاء به
فوضعه في موضعه اليوم، فجاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام عليه".
وإسناده ضعيف جدا، شيخ ابن
سعد محمد بن عمر الواقدي: متروك.
يستفاد من
الحديث
أولًا: اتخّاذ الإمام منبرا يكلم الناس عليه.
ثانيًا: فيه علم من أعلام النبوة، قال الشافعي: ما أعطى الله نبيًّا ما أعطى
محمدًا - صلى الله عليه وسلم -، قيل: أعطي عيسى إحياء الموتى، فقال: أعطي محمدًا
حنين الجذع حتى سمع صوته، فهذا أكبر من ذلك.
كتبه
أبو سامي العبدان
حسن التمام
٭ ٭ ٭
1 - وفي "النهاية" 2/ 60: الناقة الخلوج: هي التي اختلج ولدها، أي: انتزع منها.
2 - قلت: ترجمه ابن أبي حاتم
في "الجرح والتعديل" 2/ 444، عن أبيه، فقال:
"روى عن صالح بن حيان
وإسماعيل بن أبي خالد، روى عن محمد بن حميد ونوح بن أنس".
وذكره ابن حبان في
"الثقات" 8/ 156، وقال:
"يروي المقاطيع، روى عنه
أهل بلده".
3 - وأخرجه أبو نعيم في
"دلائل النبوة" (310).