words' theme=''/>

ندعو إلى التمسك بالمنهج الصحيح المتكامل لفهم الإسلام الصحيح والعمل به، والدعوة إلى الله تعالى على بصيرة، لنعود بك إلى الصدر الأول على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه رضي الله عنهم ومن سار على نهجهم من القرون الفاضلة إلى يوم الدين ...أبو سامي العبدان

الأربعاء، 20 فبراير 2019

صفة الجلوس للتشهد الأوسط والإشارة بالسبابة





إسحاق بن الدبري، كلهم عن عبد الرزاق (وهو عنده في "المصنف" (3238) ) عن معمر، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر: فذكره.
وقال الترمذي:
"حديث حسن غريب لا نعرفه من حديث عبيد الله بن عمر إلا من هذا الوجه، والعمل عليه عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، والتابعين: يختارون الإشارة في التشهد، وهو قول أصحابنا".
ولفظ الطبراني: "لما تشهد رفع أصبعه التي تلي الإبهام فدعا بها"، فإن قوله "فدعا بها" أي قرأ: التشهد، فالأحاديث بعضها يبيّن بعضا، وجاء في بعضها " كان إذا قعد في التشهد"، ولفظ آخر: " كان إذا قعد يتشهد".
وآخر: "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم قد حلق بالإبهام والوسطى، ورفع التي تليهما، يدعو بها في التشهد".
والتشهد معروف معلوم، فهو يبدأ من (التحيات لله) إلى تمام (وأشهد أن محمدا عبده ورسوله).
ولفظ أبي عوانة: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا جلس في الصلاة وضع يديه على ركبتيه ورفع إصبعه اليمنى التي تلي الإبهام، فدعا بها يلقمها، ويده اليسرى على ركبته باسطها عليه".
واللفظ لإسحاق الدبري، فقد رواه أحمد في "مسنده" 2/ 147 كما تقدم وليس فيه زيادة (يلقمها) وهي زيادة منكرة، فقد رواه عن عبد الرزاق جمعٌ من الثقات فلم يذكروا هذه الزيادة وقد تفرّد بها الدبري، وفيه ضعف: قال ابن عَدِيّ: استصغر في عبد الرزاق، أحضره أبوه عنده وهو صغير جدًا، فكان يقول: قرأنا على عبد الرزاق، قرأ غيره، وحدّث عنه بأحاديث مُنكرة.
وقال الذهبي: ما كان الرجل صاحب حديث، إنما أسمعه أبوه واعتني به، لكن روى عن عبد الرزاق أحاديث منكرة فوقع التردد فيها هل هي منه فانفرد بها عنه، أو هي معروفة مما تفرد به عبد الرزاق.
قال ابن الصلاح: "ذكر أحمد بن حنبل أنه عمي في آخر عمره، فكان يُلَقَّن فيتلقَّن، فسماعُ من سمع منه بعد ما عمي، لا شيء.
قال النسائي: فيه نظرٌ لمن كتَبَ عنه بأخَرَة.
قلت: وعلى هذا يُحملُ قولُ عباس بن عبد العظيم لما رجع من صنعاء: والله لقد تجشمتُ إلى عبد الرزاق، وإنه لكذاب، والواقدي أصدق منه.
قلت: وقد وجدتُ فيما رُوِي عن الطبراني عن إسحاق بن إبراهيم الدَبري عن عبد الرزاق، أحاديثَ استنكرتُها جدًّا، فأحلتُ أمرَها على ذلك، فإن سماعَ الدبري منه متأخر جدًّا.
قال إبراهيم الحربي: مات عبد الرزاق وللدبَري ستُّ سنين أو سبع سنين".
وقد يكون الخطئ في المطبوع من "المستخرج"، فإن هذا الحديث أخرجه ابن المنذر في "الأوسط" (1534) عن اسحاق بن ابراهيم الدبري قال: أخبرنا عبد الرزاق به، وليس فيه هذه الزيادة المنكرة، وتقدّم في تخريج طرق الحديث وأنه أخرجه الطبراني في "الدعاء" (634) عن الدبري، وليس فيه هذه اللفظة!
وله طريق أخرى عن معمر، ولكن مقرونًا بنافع: عبد الله بن دينار:
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (2025) حدثنا أحمد بن سهل بن أيوب، قال: حدثنا علي بن بحر، قال: حدثنا هشام بن يوسف، عن معمر، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، وعبد الله بن دينار، عن ابن عمر، قال:
" كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا جلس في الصلاة للتشهد نصب يديه على ركبتيه، ثم رفع أصبعه السبابة التي تلي الإبهام، وباقي أصابعه على يمينه مقبوضة كما هي".
وقال الطبراني:
"لم يروه عن عبيد الله بن عمر، عن عبد الله بن دينار إلا هشام بن يوسف، عن معمر".
قلت: أحمد بن سهل بن أيوب أبو الفضل الأهوازي: ضعيف، لكن جاء عند أبي الشيخ كما في "الجزء الذي فيه أحاديثه" (102) حدثنا محمد بن الحسن بن علي بن بحر، قال: وجدت في كتاب جدي بخطه: حدثنا هشام بن يوسف به.
ومحمد بن الحسن بن علي بن بحر: معروف في كتاباته لابن عدي وقد أكثر النقل عنه في كتابه "الكامل في الضعفاء"، وقال فيه ابن المقرئ "الشيخ الصالح" كما في "المعجم" له (214)، وإن الوجادة مقبولة عند العلماء، معمول بها وقد وثّقه محمد بن الحسن بأنه بخط جده علي بن بحر، والله أعلم.
وله طريقان آخران عن نافع:
أ - أخرجه مسلم (580-115)، وأحمد 2/ 131، والدارمي (1339)، وأبو عوانة (2012) و (2013)، وأبو نعيم في "المستخرج" (1286)، والطبراني في "الدعاء" (635)، وأبو أحمد الحاكم في "شعار أصحاب الحديث" (70)، والبيهقي 2/ 130، والبغوي في "شرح السنة" (674)، وفي "الأنوار" (548) من طرق عن حماد بن سلمة، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر:
"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قعد في التشهد (وعند أحمد "يتشهد") وضع يده اليسرى على ركبته اليسرى، ووضع يده اليمنى على ركبته اليمنى، وعقد ثلاثة وخمسين، وأشار بالسبابة".
ولفظ الطبراني: " لما تشهد رفع أصبعه التي تلي الإبهام فأشار بها".
وفي هذه الألفاظ تقييد الإشارة بالتشهد، فتحمل كل الروايات المطلقة نحو "كان إذا جلس في الصلاة" و " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قعد يدعو" على هذه الرواية وغيرها مما سيأتي الإشارة إليه في موضعه، والتشهد هو ما علّمه النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه منها: ما جاء عن عبد الله بن سخبرة أبي معمر، قال: سمعت ابن مسعود، يقول:
"علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكفي بين كفيه، التشهد، كما يعلمني السورة من القرآن: التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
وهو بين ظهرانينا، فلما قبض قلنا: السلام - يعني - على النبي صلى الله عليه وسلم".
أخرجه البخاري (6265)، ومسلم (402 - 59)، فإذا انتهى المُصلي من التشهد، يعني بتمام (وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله) لا يشير بالسبابة، والله أعلم.
ب - أخرجه أحمد 2/ 119، والبزار 563 - كشف من طريق أبي أحمد الزبيري، عن كثير بن زيد، عن نافع، قال:
"كان عبد الله بن عمر إذا جلس في الصلاة وضع يديه على ركبتيه، وأشار بإصبعه، وأتبعها بصره، ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لهي أشد على الشيطان من الحديد - يعني السبابة".
وقال البزار:
"تفرد به كثير بن زيد، عن نافع، وليس له عنه إلا هذا".
وقال الهيثمي في "المجمع" 2/ 140:
"رواه البزار وأحمد، وفيه كثير بن زيد، وثقه ابن حبان، وضعفه غيره".
وأخرجه البيهقي 2/ 132 من طريق الواقدي، حدثنا كثير بن زيد، عن نافع، عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:
"تحريك الأصبع في الصلاة مذعرة للشيطان".
وقال البيهقي:
"تفرد به محمد بن عمر الواقدي، وليس بالقوي".
قلت: بل هو متهم بالكذب، ومن هذا يُعلم أن استدلال بعضهم بهذا الحديث فيه خطر عظيم، لأنه ينسب للنبي صلى الله عليه وسلم ما لم يقله.
وله طريق أخرى عن ابن عمر:
أخرجه مسلم (580 - 116)، وأبو داود (987)، والنسائي (1267)، في "الكبرى" (1191)، وأحمد 2/ 65، وعبد الرزاق في "المصنف" (3048) و (3239)، والشافعي 1/ 96، وفي "الأم" 1/ 139، وأبو عوانة (2007) و (2008) و (2009)، وابن المنذر في "الأوسط" (1533)، وابن حبان (1942)، وابن بشران في "أماليه" (634)، وأبو نعيم في "المستخرج" (1287)، وابن حزم في "المحلى" 4/ 151، والبيهقي 2/130، وفي "السنن الصغير" (447)، وفي "المعرفة" (3648)، والبغوي في "شرح السنة" (675) عن مالك (وهو في "الموطأ" 1/ 88)، والنسائي (1266)، وفي "الكبرى" (1190)، وابن خزيمة (712)، وأبو يعلى (5767) من طريق يحيى بن سعيد، والنسائي (1160)، وفي "الكبرى" (751)، وابن خزيمة (719)، وأبو عوانة (2010) و (2017)، وابن حبان (1947)، والبيهقي 2/ 132 عن إسماعيل بن جعفر (وهو في "حديثه" (443) )، ومسلم (580)، والنسائي في "الكبرى" (1190)، وأحمد 2/ 10، وعبد الرزاق في "المصنف" (3048)، والحميدي (648)، وابن خزيمة (712)، وأبو يعلى (5767)، وأبو نعيم في "المستخرج" (1288)، وابن عبد البر في "التمهيد" 13/ 196 عن ابن عيينة، وأحمد 2/ 45، وأبو عوانة (2011) من طريق شعبة، وأحمد 2/ 73، وأبو عوانة (2008) من طريق وهيب، والحميدي (648) عن عبد العزيز بن محمد، سبعتهم عن مسلم بن أبي مريم، عن علي بن عبد الرحمن المعاوي، أنه قال:
"رآني عبد الله بن عمر وأنا أعبث بالحصى في الصلاة، فلما انصرف نهاني فقال: اصنع كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع، فقلت: وكيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع؟ قال: كان إذا جلس في الصلاة وضع كفه اليمنى على فخذه اليمنى، وقبض أصابعه كلها وأشار بإصبعه التي تلي الإبهام، ووضع كفه اليسرى على فخذه اليسرى" واللفظ لمسلم.
وزاد إسماعيل بن جعفر: "وأشار بأصبعه التي تلي الإبهام في القبلة، ورمى ببصره إليها أو نحوها"، وفي روايته أيضا: "أنه رأى رجلا يحرك الحصى بيده".
وهاتان الروايتان شذّ بهما إسماعيل بن جعفر، وهي في حديث عبد الله بن الزبير أعني: "لم يجاوز بصره إشارته"، فقد شذّ بها ابن عجلان، وزاد فيه "ولا يحركها" يعني: السبابة، وهي شاذة أيضا كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
وزاد الحميدي:
"قال سفيان: وكان يحيى بن سعيد حدثناه، عن مسلم، فلما لقيت مسلما حدثنيه، وزاد فيه، "وهي مذبة الشيطان، لا يسهو أحد، وهو يقول: هكذا"، ونصب الحميدي إصبعه".
وفي رواية شعبة انقلب اسم (علي بن عبد الرحمن) إلى: (عبد الرحمن بن علي)، وقال أبو عوانة:
"وهو غلط".

وله شواهد من حديث عبد الله بن الزبير، وأبي حميد الساعدي، وأبي قتادة، وعبد الرحمن بن أبزى، ونمير الخزاعي، وخفاف بن إيماء بن رحضة الغفاري، وأسماء بن حارثة، ومعاذ بن جبل، وأبي هريرة، ووائل بن حجر، وعقبة بن عامر:

أما حديث عبد الله بن الزبير:
فأخرجه أبو داود (989) - ومن طريقه البغوي في "شرح السنة" (676) -، والنسائي (1270)، وفي "الكبرى" (1194)، والبزار (2205)، وأبو عوانة (2019)، والطبراني 13/ (238)،
 والبيهقي 2/ 131 من طرق عن حجاج، عن ابن جريج قال: أخبرني زياد، عن محمد بن عجلان، عن عامر بن عبد الله بن الزبير، عن عبد الله بن الزبير:
"أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشير بأصبعه إذا دعا، ولا يحركها".
قال ابن جريج: وزاد عمرو بن دينار، قال: أخبرني عامر، عن أبيه:
"أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يدعو كذلك، ويتحامل النبي صلى الله عليه وسلم بيده اليسرى على فخذه اليسرى".
وبهذا الإسناد أخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (589)، وأبو عوانة (2016).
وأخرجه البزار (2204) حدثنا الفضل بن يعقوب الرخامي، قال: حدثنا الحجاج بن محمد بإسناده بلفظ:
"كان إذا جلس للتشهد ثنى رجله اليسرى ونصب اليمنى، وجعل يده اليمنى على فخذه اليمنى، وأشار بالسبابة وحلق حلقة".
وقال البزار:
"وهذا الحديث لا نعلم رواه، عن عمرو، عن عامر، عن أبيه إلا الحجاج، عن ابن جريح".
وإسناده صحيح وقد صرّح ابن جريج بالتحديث عند ابن أبي عاصم، والحمد لله رب العالمين، وفيه دليل واضح على أن الإشارة بالسبابة مقيّدة بالجلوس للتشهد.
وأما حديث ابن عجلان، عن عامر: فإسناده صحيح لا مطعن فيه ودونك التفصيل:
عامر بن عبد الله بن الزبير: ثقة عابد قد احتج به الشيخان.
ومحمد بن عجلان القرشي: قال صالح بن أحمد بن حنبل، عن أبيه: ثقة.
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه: سمعت ابن عيينة، يقول: حدثنا محمد بن عجلان، وكان ثقة.
وقال عبد الله بن أحمد أيضا: سألت أبي عن محمد بن عجلان، وموسى بن عقبة أيهما أعجب إليك؟ فقال: جميعا ثقة، وما أقربهما، كان ابن عيينة يثني على محمد بن عجلان.
وقال إسحاق، عن يحيى بن معين: ثقة.
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: قيل ليحيى بن معين: من تقدم داود بن قيس، أو محمد بن عجلان؟ قال محمد.
وقال عباس الدوري، عن يحيى بن معين: محمد بن عجلان ثقة، أوثق من محمد بن عمر بن علقمة، ما يشك في هذا أحد، كان داود بن قيس يجلس إلى ابن عجلان يتحفظ عنه، ويقول: إنها اختلطت على ابن عجلان يعنى في حديث سعيد المقبري.
قال الحافظ في "تهذيب التهذيب":
"قال يحيى القطان، عن ابن عجلان: كان سعيد المقبري يحدث عن أبي هريرة، وعن أبيه، عن أبى هريرة، وعن رجل عن أبي هريرة، فاختلطت عليه فجعلها كلها عن أبي هريرة.
ولما ذكر ابن حبان في كتاب "الثقات" هذه القصة قال: "ليس هذا بوهن يوهن الإنسان به، لأن الصحيفة كلها في نفسها صحيحة، وربما قال ابن عجلان: عن سعيد عن أبيه عن أبى هريرة، فهذا مما حمل عنه قديما قبل اختلاط صحيفته فلا يجب الاحتجاج إلا بما يروى عنه الثقات".
وقال يعقوب بن شيبة: ابن عجلان من الثقات.
وقال أبو زرعة: ابن عجلان صدوق وسط.
وقال أبو حاتم، والنسائي: ثقة.
وقال ابن سعد: كان عابدا ناسكا، فقيها، وكانت له حلقة في المسجد، وكان يفتي.
وقال العجلي: مدني ثقة.
وقال الساجي: هو من أهل الصدق، لم يحدث عنه مالك إلا يسيرا.
وقال ابن عيينة: كان ثقة، عالما.
وقال العقيلي: يضطرب في حديث نافع.
خلاصة القول أنه ثقة إلا أنه اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة: وليس هذا من حديث أبي هريرة ولا من حديث نافع فهو صحيح الإسناد.
وأما زياد فهو ابن سعد بن عبد الرحمن الخراساني، ثقة ثبت.
وابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج القرشي الأموي مولاهم: ثقة فقيه فاضل وكان يدلس ويرسل، وقد صرّح بالتحديث فأمنا تدليسه.
وحجاج هو ابن محمد المصيصي: ثقة، قال على بن الحسين بن حبان: وجدت في كتاب أبي بخط يده: قال أبو زكريا يحيى بن معين: قال لي المعلى الرازي: قد رأيت أصحاب ابن جريج بالبصرة، ما رأيت فيهم أثبت من حجاج، قال يحيى: وكنت أتعجب منه، فلما تبينت ذلك إذا هو كما، قال، كان أثبتهم في ابن جريج.
وله طرق أخرى عن ابن عجلان ليس فيها زيادة: (ولا يحركها) فهي زيادة شاذة ومما يثبت شذوذها أنه رواه عثمان بن حكيم، وزياد بن سعد،
 وعمرو بن دينار، ومخرمة بن بكير فلم يذكروها:
فأما الطرق التي عن ابن عجلان الخالية من هذه الزيادة:
فأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 485، وعنه مسلم (579 - 113)، وعبد بن حميد (99)، وابن حبان (1943)، والدارقطني 2/ 159، وأبو نعيم في "المستخرج" (1283)، والبيهقي 2/ 131، وابن عبد البر في "التمهيد" 13/ 194، والبغوي في "الأنوار" (549) عن أبي خالد الأحمر، ومسلم (579 - 113)، وأبو نعيم في "المستخرج" (1284)، والبيهقي 2/ 131 من طريق الليث بن سعد، والطبراني 13/ (240)، وفي "الدعاء" (639) من طريق سليمان بن بلال، والطبراني 13/ (241)، وفي "الدعاء" (639)، وأبو نعيم في "الحلية" 3/ 167 من طريق روح بن القاسم، وأبو داود (990)، والنسائي (1275)، وفي "الكبرى" (1199)، وأحمد 4/ 3، والبزار (2206)، وأبو يعلى (6807) - ومن طريقه ابن الأثير في "أُسد الغابة" 3/ 241 -، وابن خزيمة (718)، وأبو عوانة (2018)، وابن المنذر في "الأوسط" (1537)، وابن حبان (1944)، والبيهقي 2/ 132، والبغوي في "شرح السنة" (677) من طريق يحيى بن سعيد القطان، والدارمي (1338)، وأبو يعلى (6806)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (586) من طريق سفيان بن عيينة، والطبراني في "الدعاء" (639) من طريق زيد بن حبّان، سبعتهم عن ابن عجلان، قال: حدثني عامر بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، قال:
"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قعد يدعو، وضع يده اليمنى على فخذه اليمنى، ويده اليسرى على فخذه اليسرى، وأشار بإصبعه السبابة، ووضع إبهامه على إصبعه الوسطى، ويلقم كفه اليسرى ركبته".
ولفظ سليمان بن بلال: "إذا صلي فجلس في الثنتين، أو الأربع".
ولفظ أبي خالد الأحمر عند الدارقطني "إذا جلس يدعو، يعني في التشهد"، وهذه الألفاظ فيها تقييد لموضع الإشارة فيكون في التشهد الأول والثاني وفيه بيان معنى "يدعو" أي يتشهّد، وسيأتي معَنَا في ثنايا التخريج شيءٌ من هذا.
وزاد يحيى بن سعيد القطان: "ولم يجاوز بصره إشارته"، وله أيضا " كان إذا جلس للتشهد ثنى رجله اليسرى ونصب اليمنى وأشار بالسبابة وحلق حلقة".
وهذه الزيادة أعني: "ولم يجاوز بصره إشارته" تفرّد بها عن ابن عجلان: يحيى القطان، وتفرّد بها ابن عجلان عن عامر، وليس هذه أوّل رواية يشذ بها ابن عجلان، فقد تقدّم آنفا شذوذه بلفظة "ولا يحركها"، وهذا الحديث له طرق عن عامر ليس فيه زيادة "ولم يجاوز بصره إشارته"، ودونك بيانه:
أ - أخرجه مسلم (579 - 112)، وأبو داود (988)، والبزار (2206)، وابن خزيمة (696)، وأبو عوانة (2001) و (2002) و (2015)، وأبو نعيم في "المستخرج" (1282)، والطبراني 13/ (239)، وفي "الأوسط" (9456)، والبيهقي 2/ 130، وابن عبد البر في "التمهيد" 13/ 194 من طريق عثمان بن حكيم، حدثني عامر بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، قال:
" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قعد في الصلاة (ولفظ أبي نعيم "إذا قعد في التشهد في الصلاة") جعل قدمه اليسرى بين فخذه وساقه، وفرش قدمه اليمنى، ووضع يده اليسرى على ركبته اليسرى، ووضع يده اليمنى على فخذه اليمنى، وأشار بإصبعه".
ب - أخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (588) حدثنا حامد بن يحيى، حدثنا سفيان بن عيينة، عن زياد بن سعد، عن عامر بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، قال:
"رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة جالسا وهو يشير بإصبعه السبابة".
وهذا إسناد صحيح.
وأخرجه أحمد 4/ 3، والحميدي (879) عن سفيان، قال: حدثنا زياد بن سعد، ومحمد بن عجلان، أنهما سمعا عامر بن عبد الله بن الزبير يحدث، عن أبيه:
"أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو في الصلاة هكذا" وقبض الحميدي أصابعه الأربعة وأشار بالسبابة.
جـ - أخرجه النسائي (1161)، وفي "الكبرى" (749)، والبيهقي 2/ 132 من طريق ابن المبارك، قال: حدثنا مخرمة بن بكير، قال: أنبأنا عامر بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، قال:
"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس في الثنتين أو في الأربع يضع يديه على ركبتيه، ثم أشار بأصبعه".
وإسناده حسن، وهو يدل على أن الإشارة إنما تُشرع في الجلوس للتشهد الأول والثاني، وهو معنى قوله "يدعو بها"، والله أعلم.
د - تقدّم تخريج طريق عمرو بن دينار، عن عامر، عن أبيه:
"أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يدعو كذلك، ويتحامل النبي صلى الله عليه وسلم بيده اليسرى على فخذه اليسرى".
وله طريق أخرى عن عبد الله بن الزبير:
أخرجه أبو الشيخ في "أحاديث أبي الزبير عن غير جابر" (30) من طريق قتيبة بن سعيد، حدثنا ابن لهيعة، عن سعيد بن نشيط، عن أبي الزبير، قال: سمعت ابن الزبير، يقول:
"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس للتشهد في الصلاة جعل يده اليمنى على فخذه الأيمن، ثم أشار بأصبعه".
وإسناده ضعيف، سعيد بن نشيط: مجهول، وابن لهيعة: صدوق، خلط بعد احتراق كتبه، ورواية ابن المبارك وابن وهب عنه أعدل من غيرهما كما في "التقريب".
وقتيبة بن سعيد ضبط سماعه من ابن لهيعة بكتابته من كتاب ابن وهب، فقد قال المزي في "تهذيب الكمال" 15/ 494:
"قال جعفر بن محمد الفريابي: سمعت بعض أصحابنا يذكر أنه سمع قتيبة يقول: قال لي أحمد بن حنبل: أحاديثك عن ابن لهيعة صحاح.
قال: قلت: لأنا كنا نكتب من كتاب عبد الله بن وهب ثم نسمعه من ابن لهيعة".
وفي هذا رد على استخفاف الشيخ أبي إسحاق الحويني بصاحبه إذ قال في "بذل الإحسان" 1/ 62:
"قتيبة بن سعيد ليس من قدماء أصحابه - يعني ابن لهيعة - وزعم بعض أصحابنا أن قتيبة بن سعيد يلتحق بقدماء أصحاب ابن لهيعة لجلالته!! كذا قال، وسقوطه أظهر من تكلف الرد عليه!".

وأما حديث أبي حميد الساعدي:
فأخرجه أبو داود (734)، والبخاري في "رفع اليدين" (ص 5)، والبيهقي 2/ 112 و 121 عن الإمام أحمد بن حنبل، والترمذي (293)، وابن خزيمة (689)، وابن حبان (1871)، والبغوي في "شرح السنة" (672) عن محمد بن بشار، وابن خزيمة (689)، والبيهقي 2/ 73 عن محمد بن رافع، والدارمي (1307) عن إسحاق بن إبراهيم، والطحاوي في "شرح المعاني" 1/ 223 و 229 عن ابن مرزوق، والبيهقي 2/ 73 عن عبيد الله بن سعيد، ستتهم عن أبي عامر العقدي قال:
حدثنا فليح بن سليمان المدني قال: حدثنا عباس بن سهل الساعدي، قال:
"اجتمع أبو حميد، وأبو أسيد، وسهل بن سعد، ومحمد بن مسلمة، فذكروا صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو حميد: أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس - يعني للتشهد - فافترش رجله اليسرى، وأقبل بصدر اليمنى على قبلته، ووضع كفه اليمنى على ركبته اليمنى، وكفه اليسرى على ركبته اليسرى، وأشار بأصبعه - يعني السبابة -".
وقال الترمذي:
"هذا حديث حسن صحيح، وبه يقول: بعض أهل العلم، وهو قول الشافعي، وأحمد، وإسحاق، قالوا: يقعد في التشهد الآخر على وركه، واحتجوا بحديث أبي حميد، قالوا: يقعد في التشهد الأول على رجله اليسرى وينصب اليمنى".
قلت: فليح بن سليمان: صدوق كثير الخطأ، وانظر "تقريب الرواة المختلف فيهم عند ابن شاهين" (47).
والحديث صحيح لغيره، وله طريق أخرى لا يُفرح بمثلها:
أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (3046) عن إبراهيم بن محمد، عن ابن طلحة، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن أبي حميد الساعدي:
"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا جلس في الصلاة في الركعتين الأوليين نصب قدمه اليمنى، وافترش اليسرى، وأشار بإصبعه التي تلي الإبهام، وإذا جلس في الأخريين أفضى بمقعدته إلى الأرض، ونصب قدمه اليمنى".
وإسناده تالف بمرة، ابراهيم بن محمد هو ابن أبي يحيى الأسلمي: متهم بالكذب.
وابن طلحة: هذا تحريف، والصواب: ابن حلحلة، فقد أخرجه الشافعي 1/ 95، وفي "الأم" 1/ 133، ومن طريقه البيهقي في "المعرفة" (872) أخبرنا إبراهيم بن محمد، عن محمد بن عمرو بن حلحلة، أنه سمع عباس بن سهل، يخبر عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه، قال:
"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس في السجدتين ثنى رجله اليسرى فجلس عليها ونصب قدمه اليمنى، فإذا جلس في الأربع أماط رجليه عن وركه وأفضى بمقعدته الأرض ونصب وركه اليمنى".
وقد صوّب إسناده البيهقي في "بيان خطأ من أخطأ على الشافعي" (48) بقوله: هكذا وقع هذا الحديث في كتاب الربيع، وشك فيه أبو العباس.
وقد رواه الحسن بن محمد الزعفراني في كتاب القديم، عن الشافعي، عن رجل وهو إبراهيم بن محمد، عن محمد بن عمرو بن حلحلة، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن أبي حميد الساعدي: أن النبي صلى الله عليه وسلم...
وقد أخرجه أبو داود (731)، وابن خزيمة (678) من طريق يزيد بن أبي حبيب، عن محمد بن عمرو بن حلحلة، عن محمد بن عمرو العامري، قال:
"كنت في مجلس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فتذاكروا صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو حميد: فذكر بعض هذا الحديث، وقال: فإذا ركع أمكن كفيه من ركبتيه وفرج بين أصابعه ثم هصر ظهره غير مقنع رأسه، ولا صافح بخده. وقال: فإذا قعد في الركعتين قعد على بطن قدمه اليسرى ونصب اليمنى، فإذا كان في الرابعة أفضى بوركه اليسرى إلى الأرض وأخرج قدميه من ناحية واحدة".

وأما حديث أبي قتادة:
فأخرجه أحمد 5/ 297، والطبراني في "الدعاء" (640) عن وكيع، حدثنا أبو العميس، عن عامر يعني ابن عبد الله بن الزبير، عن الزرقي، عن أبي قتادة:
"أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا جلس في الصلاة وضع يمينه على فخذه اليمنى، وأشار بإصبعه".
وهذا إسناد صحيح رجاله رجال الشيخين.

وأما حديث عبد الرحمن بن أبزى:
فأخرجه أحمد 3/ 407 عن عبد الرحمن بن مهدي، والبخاري في "التاريخ الكبير" 3/ 296 من طريق يحيى بن سعيد، كلاهما عن سفيان، عن منصور، عن أبي سعيد الخزاعي، عن عبد الرحمن بن أبزى، قال:
"كان النبي صلى الله عليه وسلم يشير بالسبابة".
وهذا إسناد ضعيف، أبو سعيد أو أبو سعد، راشد الخزاعي: مجهول العين، انفرد بالرواية عنه منصور بن المعتمر، وترجم له البخاري في "التاريخ الكبير" 3/ 296، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 9/ 378، ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا.
وقال الهيثمي في "المجمع" 2/ 140:
"رواه الطبراني في الكبير عن أبي سعيد الخزاعي عنه، ولم يرو عنه غير منصور بن المعتمر كما قال ابن أبي حاتم عن أبيه".
وقد اختُلف في إسناده فرواه أحمد 3/ 407 حدثنا جرير، عن منصور، عن راشد أبي سعد، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه، قال:
"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس في الصلاة فدعا، وضع يده اليمنى على فخذه، ثم كان يشير بأصبعه إذا دعا".
فزاد جرير وهو ابن عبد الحميد بن قرط الضبي: سعيد بن عبد الرحمن!
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" 10/ 380 حدثنا جرير، عن منصور، عن راشد أبي سعد، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، قال:
"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس في الصلاة وضع يده على فخذه ويشير بإصبعه في الدعاء".
هكذا جاء مرسلًا في "المصنف"!
وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 3/ 296 من طريق شيبان، عن منصور، عن هلال بن يساف، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى:
كان النبي صلى الله عليه وسلم...مرسلا.
وشيبان هو ابن عبد الرحمن البصري المؤدب: ثقة صاحب كتاب كما في "التقريب".

وأما حديث نمير الخزاعي:
فأخرجه النسائي (1271)، وفي "الكبرى" (1195) من طريق المعافى بن عمران، وابن ماجه (911)، وأحمد 3/ 471، وابن أبي شيبة 2/ 485 و 10/ 380، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2329)، وأبو نعيم في "الحلية" 8/ 373 عن وكيع، وابن خزيمة (715) من طريق بهز، ثلاثتهم عن عصام بن قدامة، عن مالك بن نمير الخزاعي، عن أبيه، قال:
"رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واضعا يده اليمنى على فخذه اليمنى في الصلاة، ويشير بأصبعه".
وهذا إسناد ضعيف من أجل مالك بن نمير: فإنه مجهول.
قال الدارقطني كما في "سؤالات البرقاني":
"ما يحدث عن أبيه إلا هو، يعتبر به".
وذكره ابن حبان في كتاب "الثقات".
وقال ابن القطان: لا يعرف حال مالك، ولا روى عن أبيه غيره.
وقال الذهبي: لا يعرف.
وقال الحافظ في "التقريب":
"مقبول".
وجاء في متنه زيادة حني السبابة وهي منكرة:
أخرجه أبو داود (991) من طريق عثمان بن عبد الرحمن، والنسائي (1274)، وفي "الكبرى" (1198)، وابن خزيمة (716)، والبيهقي 2/ 131 من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين، والبخاري في "التاريخ الكبير" 8/ 116 - 117 من طريق محمد بن يوسف، وأحمد 3/ 471، وابن خزيمة (715) عن يحيى بن آدم، وابن حبان (1946) من طريق شعيب بن حرب المدائني، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2330) من طريق ابن المبارك، ستتهم عن عصام (وفي الآحاد والمثاني "عاصم" وهو تحريف) بن قدامة البجلي، قال: حدثني مالك بن نمير الخزاعي، عن أبيه، قال:
"رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قاعد في الصلاة قد وضع ذراعه اليمنى على فخذه اليمنى، رافعا بأصبعه السبابة، قد حناها شيئا وهو يدعو".


وأما حديث خفاف بن إيماء بن رحضة الغفاري:
فأخرجه أحمد 4/ 57، والبيهقي 2/ 133 عن يعقوب بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن سعد، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (2534)، والبيهقي 2/ 132 - 133 من طريق محمد بن سلمة، كلاهما عن ابن إسحاق، قال:
"حدثني عن افتراش رسول الله صلى الله عليه وسلم فخذه اليسرى في وسط الصلاة وفي آخرها، وقعوده على وركه اليسرى، ووضعه يده اليسرى على فخذه اليسرى، ونصبه قدمه اليمنى، ووضعه يده اليمنى على فخذه اليمنى، ونصبه أصبعه السبابة يوحد بها ربه عز وجل، عمران بن أبي أنس أخو بني عامر بن لؤي وكان ثقة، عن أبي القاسم مقسم مولى عبد الله بن الحارث بن نوفل قال: حدثني رجل من أهل المدينة، قال: صليت في مسجد بني غفار، فلما جلست في صلاتي افترشت فخذي اليسرى ونصبت السبابة، قال: فرآني خفاف بن إيماء بن رحضة الغفاري - وكانت له صحبة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم - وأنا أصنع ذلك، قال: فلما انصرفت من صلاتي قال لي: أي بني، لم نصبت إصبعك هكذا؟ قال: وما تنكر رأيت الناس يصنعون ذلك، قال: فإنك أصبت، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى يصنع ذلك، فكان المشركون يقولون: إنما يصنع هذا محمد بإصبعه يسحر بها وكذبوا، إنما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع ذلك يوحد بها ربه عز وجل".
وإسناده ضعيف لإبهام الرجل الراوي عن خفاف بن إيماء، وجاء هذا الحديث بإسقاط الرجل المبهم:
أخرجه الطبراني 4/ (4176)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (2534) عن محمد بن عبد الله الحضرمي، حدثنا عبيد بن يعيش، حدثنا يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق، عن عمران بن أبي أنس، عن مقسم، عن خفاف بن إيماء بن رحضة الغفاري، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إذا جلس في آخر صلاته يشير بأصبعه السبابة. وكان المشركون يقولون يسحر بها وكذبوا، ولكنه التوحيد".
وقال المزي في "تهذيب الكمال" 8/ 272:
"الصحيح أن بينهما رجلا".
قلت: ولعلّ الخطئ من يونس بن بكير فإنه صدوق يخطئ كما في "التقريب".
وقال أبو داود:
"ليس بحجة، يوصل كلام ابن إسحاق بالأحاديث".
وجاء التصريح باسم الرجل المبهم بإسناد لا يُفرح بمثله:
أخرجه أبو يعلى (908) من طريق يزيد بن عياض، عن عمران بن أبي أنس، عن أبي القاسم مقسم مولى بني ربيعة، عن الحارث قال:
"صليت في مسجد بني غفار، فلما جلست جعلت أدعو وأشير بأصبع واحدة، فدخل عليّ خفاف بن إيماء الغفاري وأنا كذلك، فقال: ما تريد بهذا حين تشير بأصبع واحدة؟ قال: قلت: أدعو الله وأسأله، قال: نِعم ما صنعت، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك. فقال المشركون: إنما يسحر بها، كذب المشركون، إنما ذلك الإخلاص".
وقال الهيثمي في "المجمع" 2/ 131 بعد أن عزاه لأبي يعلى:
"الحارث لم أجد من ترجمه".
وهذا التعليل فيه تساهل بيّن من الحافظ الهيثمي، فإن هذا الإسناد تالف بمرة، فيزيد بن عياض بن جعدبة: متروك الحديث، كذبه الإمام مالك وغيره.

وأما حديث أسماء بن حارثة:
فأخرجه الطبراني 1/ (870) حدثنا سعيد بن عبد الرحمن التستري، حدثنا محمد بن عبد الله بن عبيد بن عقيل، حدثنا يحيى بن غيلان، حدثنا الهيثم بن عدي، حدثنا أبوك غيلان بن عبد الله، عن أبيه، عن جده أسماء بن حارثة، قال:
"رأيت النبي صلى الله عليه وسلم واضعا يده أراه على فخذه، يشير بأصبعه في التشهد".
وقال الهيثمي في "المجمع" 2/ 140:
"رواه الطبراني في الكبير عن غيلان بن عبد الله، عن أبيه، عن جده
أسماء بن حارثة ولم أجد من ترجمه ولا أباه".
قلت: والهيثم بن عدي الطائي: تركوه، وقال أبو داود: كذاب كما في "ديوان الضعفاء" (4511)، وشيخ الطبراني: مجهول.

وأما حديث معاذ بن جبل:
فأخرجه الطبراني 20/ (139) حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثنا صالح بن عبد الله الترمذي، حدثنا محبوب بن الحسن القرشي، عن الخصيب بن جحدر، عن النعمان بن نعيم، عن عبد الرحمن بن غنم، عن معاذ بن جبل، قال:
"كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان في صلاته رفع يديه قبالة أذنيه، فإذا كبر أرسلهما ثم سكت، وربما رأيته يضع يمينه على يساره، فإذا فرغ من فاتحة الكتاب سكت، فإذا ختم السورة سكت، ثم يرفع يديه قبالة أذنيه، ويكبر ويركع، وكنا لا نركع حتى نراه راكعا، ثم يستوي قائما من ركوعه، حتى يأخذ كل عضو مكانه، ثم يرفع يديه قبالة أذنيه، ويكبر ويخر ساجدا، وكان يمكن جبهته وأنفه من الأرض، ثم يقوم كأنه السهم لا يعتمد على يديه، وكان إذا جلس في آخر صلاته اعتمد على فخذه اليسرى، ويده اليمنى على فخذه اليمنى، ويشير بإصبعه إذا دعا، وكان إذا سلم أسرع القيام".
وقال الهيثمي في "المجمع" 2/ 135:
"رواه الطبراني في الكبير وفيه الخصيب بن جحدر وهو كذاب".
كذبه شعبة والقطان، وابن مَعِين.
وقال أحمد: لا يكتب حديثه.
وقال البخاري: كذاب استعدى عليه شعبة.
وشيخه النعمان بن نعيم: قال الدارقطني: لا يعرف إلا برواية خصيب بن جحدر عنه، فهو مجهول العين.
ومحبوب بن الحسن: هو محمد بن الحسن بن هلال بن أبي زينب، واسمه فيروز، القرشي، أبو جعفر، ويقال: أبو الحسن، البصري، مولى قريش، ولقبه محبوب وهو به أشهر.
قال المزي في "تهذيب الكمال": قال عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن
يحيى بن معين: ليس به بأس.
وقال أبو حاتم: ليس بقوي.
وقال النسائي: ضعيف.
وذكره ابن حبان في كتاب "الثقات".
روى له البخاري مقرونا بغيره، والترمذي.
قال الحافظ في "تهذيب التهذيب" 9/ 12:
"ما له فيه - يعني صحيح البخاري - سوى حديث واحد، ذكره عقب إسناد آخر اجتمعا في شيخ شيخه، ولا يقال لمثل هذا مقرونا اصطلاحا، والحديث المذكور في كتاب الأحكام، وقال فيه: حدثنا محبوب بن الحسن. لم يقل فيه محمد بن الحسن، وهو بمحبوب أشهر منه بمحمد".
وقال في "التقريب":
"صدوق لين، ورمي بالقدر".

وأما حديث أبي هريرة:
فأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (3246) عن معمر بن راشد، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي حازم مولى الأنصار، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إن جزءا من سبعين جزءا من النبوة تأخير السحور، وتبكير الإفطار وإشارة الرجل بإصبعه في الصلاة".
وإسناده ضعيف، يحيى بن أبي كثير: ثقة ثبت لكنه يدلس ويرسل، ثم إن أبا حازم تفرّد بالرواية عنه الأعمش، وهذا الحديث ليس من حديث معمر بن راشد، والصحيح أنه من حديث عمر بن راشد:
أخرجه عبد الرزاق (7610)، ومن طريقه الطبراني في "الدعاء" (641) عن عمر بن راشد، عن يحيى بن أبي كثير به.
وعمر بن راشد: ضعيف.

وأما حديث وائل بن حجر:
فأخرجه أبو داود (727)، ومن طريقه البغوي في "شرح السنة" (566)، وابن حبان (1860)، والطبراني 22/ (82)، والخطيب في "المدرج" 1/ 425 - 426 من طريق هشام بن عبد الملك الطيالسي، والنسائي (889) و (1268)، وفي "الكبرى" (965) و (1192)، والبخاري في "رفع اليدين" (30) مختصرًا، والخطيب في "المدرج" 1/ 427 من طريق ابن المبارك، وأحمد 4/ 318، والخطيب في "المدرج" 1/ 425 - 426 من طريق عبد الصمد بن عبد الوراث، والدارمي (1397)، وابن خزيمة (480) و (714)، والطبراني 22/ (82)، والبيهقي 2/ 132 من طريق معاوية بن عمرو، وابن الجارود (208) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، والبيهقي 2/ 27 - 28 و 28 من طريق عبد الله بن رجاء مختصرًا، ستتهم عن زائدة، حدثنا عاصم بن كليب، أخبرني أبي، عن وائل بن حجر الحضرمي قال: قلت:
"لأنظرن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، كيف يصلي؟ قال: فنظرت إليه قام فكبر، ورفع يديه حتى حاذتا أذنيه، ثم وضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى، والرسغ والساعد، ثم قال: لما أراد أن يركع، رفع يديه مثلها ووضع يديه على ركبتيه، ثم رفع رأسه، فرفع يديه مثلها، ثم سجد، فجعل كفيه بحذاء أذنيه، ثم قعد فافترش رجله اليسرى، فوضع كفه اليسرى على فخذه وركبته اليسرى، وجعل حد مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى، ثم قبض بين أصابعه فحلق حلقة، ثم رفع إصبعه، فرأيته يحركها يدعو بها. ثم جئت بعد ذلك في زمان فيه برد فرأيت الناس عليهم الثياب تحرك أيديهم من تحت الثياب من البرد".
وقال ابن خزيمة:
"ليس في شيء من الأخبار (يحركها) إلا في هذا الخبر زائدة ذكره".
قلت: هذا الحديث إسناده حسن، وقد اتفق عليه الحفاظ من أصحاب عاصم لكن ليس فيه (يحركها) فقد توهّم زائدة بن قدامة بهذه اللفظة فأبدل اللفظ المحفوظ (يشير بها) إلى (يحركها) وكأنه توسّع في المعنى وقد أشار إلى هذا البيهقي في "السنن الكبرى" 2/ 132، فقال:
"فيحتمل أن يكون المراد بالتحريك الإشارة بها لا تكرير تحريكها فيكون موافقا لرواية ابن الزبير والله تعالى أعلم".
وقد اتفق كل الرواة عن زائدة رحمه الله تعالى على لفظ التحريك، ولم يذكر لفظ الإشارة مطلقا، وقد اتفق كل الرواة عن عاصم على لفظ الإشارة دون التحريك، ثم إن لفظ الإشارة قد جاء عن ابن عمر، وابن الزبير، وأبي قتادة، وأبي حميد الساعدي، وعبد الرحمن بن أبزى، ونمير الخزاعي ولا وجود للفظ التحريك في رواياتهم فثبت أنه وهم وليس هو من باب الزيادة من الثقة، وفيه أيضًا إدراج جملة "ثم جئت بعد ذلك في زمان فيه برد فرأيت الناس عليهم الثياب تحرك أيديهم من تحت الثياب من البرد" إذ هي ليست من رواية عاصم بن كليب، ولكن من رواية عبد الجبار بن وائل بن حجر عن بعض أهله عن وائل بن حجر كما سيأتي بيان ذلك أثناء التخريج، وقد خالف زائدة ابن قدامة بلفظة (التحريك) ثمانية عشر رَاوِيا من أصحاب عاصم بن كليب فيهم جبال الحفظ:
(1) سفيان الثوري.
(2) شعبة بن الحجاج.
(3) سفيان بن عيينة.
(4) وعبد الواحد بن زياد.
(5) خالد بن عبد الله الواسطي.
(6) أبو الأحوص سلام بن سليم.
(7) أبو عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري.
(8) بشر بن المفضل بن لاحق الرقاشي.
(9) وزهير بن معاوية.
(10) وعبد الله بن إدريس بن يزيد الأودي.
وهؤلاء كلهم ثقات أثبات.
ومن الثقات فقط:
(11) غيلان بن جامع.
(12) عنبسة بن سعيد الأسدي.
(13) قيس بن الربيع: صدوق تغير لما كبر كما في "التقريب".
(14) شجاع بن الوليد السكوني: صدوق ورع، روى له الجماعة.
(15) موسى بن أبي عائشة: ثقة عابد وكان يرسل.
(16) محمد بن فضيل: صدوق عارف رمى بالتشيع كما في "التقريب"، وقال الذهبي:
 "ثقة شيعي".
(17) موسى بن أبي كثير: صدوق.
(18) عاصم بن بهدلة: صدوق له أوهام.
ومما يزيدك يقينًا أن لفظ (التحريك) وهم من زائدة بن قدامة لا محالة أنه قد جاءت صفة الإشارة وكيفيتها من حديث ابن عمر، وابن الزبير، وأبي قتادة، وأبي حميد الساعدي، وعبد الرحمن بن أبزى، ونمير الخزاعي، وقد تقدّم تخريجها، وسأنقل هذا الخبر الذي ساقه ابن حبان في مقدمة كتابه "المجروحين" وهو يتكلم عن جلالة سفيان الثوري وقوّة حفظه، ذلك أن القول بأن زائدة بن قدامة أدّى من حفظه ما لم يستطعه هذا الجمع من جبال الحفظ وفيهم الثوري وشعبة وابن عيينة وأبو الأحوص وممن تقدّم ذكرهم جميعًا لهو مشين بحقهم، قال ابن حبان في مقدمة كتابه "المجروحين":
"حدثنا عمر بن محمد الهمداني، قال: سمعت عمرو بن علي، يقول: سمعت سفيان بن زياد، يقول: ليحيى بن سعيد في حديث أشعث بن أبي الشعثاء، عن زيد بن معاوية العبسي، عن علقمة، عن عبد الله: ختامه مسك: يا أبا سعيد خالفه أربعة، قال: من؟! قال: زائدة، وأبو الأحوص، وإسرائيل، وشريك، قال يحيى: لو كانوا أربعة آلاف مثل هؤلاء لكان سفيان أثبت منهم".
ودونك تفصيل الروايات لهذه الطرق عن هذا الجمع من الأئمة الأثبات وقد اتفقوا كلهم جميعًا على عدم ذكر هذه اللفظة:
1 - أخرجه النسائي (1159) و (1262)، وفي "الكبرى" (750)، والحميدي في "مسنده" (885)، وابن خزيمة (457)، والطبراني 22/ (78) و (85)، والبيهقي 2/ 24، والدارقطني 2/ 42، والخطيب في "المدرج" 1/ 427 - 428 من طرق عن سفيان بن عيينة، حدثنا عاصم بن كليب الجرمي، عن أبيه، عن وائل بن حجر، قال:
"أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيته يرفع يديه إذا افتتح الصلاة حتى يحاذي منكبيه، وإذا أراد أن يركع، وإذا جلس في الركعتين أضجع اليسرى ونصب اليمنى،
ووضع يده اليمنى على فخذه اليمنى، ونصب أصبعه للدعاء، ووضع يده اليسرى على فخذه اليسرى. قال: ثم أتيتهم من قابل فرأيتهم يرفعون أيديهم في البرانس" واللفظ للنسائي (1159)، وفي "الكبرى" (750).
وقال الخطيب البغدادي في "الفصل للوصل المدرج في النقل" 1/ 428 - 429:
"اتفق زائدة بن قدامة الثقفي، وسفيان بن عيينة الهلالي على رواية هذا الحديث بطوله عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل بن حجر، وقصة تحريك الناس أيديهم ورفعها من تحت الثياب في زمن البرد لم يسمعها عاصم، عن أبيه، وإنما سمعها من عبد الجبار بن وائل بن حجر، عن بعض أهله، عن وائل بن حجر. بيّن ذلك زهير بن معاوية، وأبو بدر شجاع بن الوليد في روايتهما حديث الصلاة بطوله عن عاصم بن كليب، وميزا قصة تحريك الأيدي تحت الثياب وفصلاها من الحديث وذكرا إسناده، وروى سفيان الثوري، وشعبة بن الحجاج، وأبو الأحوص سلام بن سليم، والوضاح أبو عوانة، وخالد بن عبد الله، وصالح بن عمرو، وعبد الواحد بن زياد، وجرير بن عبد الحميد، وبشر بن المفضل، وعبيدة بن حميد، وعبد العزيز بن مسلم، رووا الحديث كلهم وهم أحد عشر رجلا عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل ولم يذكر أحد منهم قصة تحريك الأيدي تحت الثياب".
وقال أبو الفضل العراقي في "التبصرة والتذكرة" 1/ 301:
"قال موسى بن هارون الحمال: ذلك عندنا وهم، فقوله: (ثم جئت)، ليس هو بهذا الإسناد، وإنما أدرج عليه وهو من رواية عاصم، عن عبد الجبار بن وائل عن بعض أهله، عن وائل، وهكذا رواه مبينا زهير بن معاوية، وأبو بدر شجاع بن الوليد، فميزا قصة تحريك الأيدي من تحت الثياب، وفصلاها من الحديث، وذكر إسنادها، كما ذكرناه، قال موسى بن هارون الحمال: وهذه رواية مضبوطة، اتفق عليها زهير، وشجاع بن الوليد، فهما أثبت له رواية ممن روى رفع الأيدي من تحت الثياب، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل. وقال ابن الصلاح:
"إنه الصواب".
قلت: وبيان ذلك تجده في "الفصل للوصل المدرج في النقل" 1/ 425 - 444 حديث (44) للخطيب البغدادي، وسأشير بشيء من ذلك أثناء التخريج، والله الموفق.
2 - أخرجه النسائي (1263)، والطبراني 22/ (78) من طريق محمد بن يوسف الفريابي، قال: حدثنا سفيان - الثوري - عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل بن حجر:
" أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم جلس في الصلاة، فافترش رجله اليسرى، ووضع ذراعيه على فخذيه، وأشار بالسبابة يدعو بها".
وأخرجه أحمد 4/ 318 حدثنا عبد الله بن الوليد، حدثني سفيان، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل بن حجر، قال:
"رأيت النبي صلى الله عليه وسلم حين كبر، رفع يديه حذاء أذنيه، ثم حين ركع، ثم حين قال: سمع الله لمن حمده، رفع يديه، ورأيته ممسكا يمينه على شماله في الصلاة، فلما جلس حلق بالوسطى والإبهام وأشار بالسبابة، ووضع يده اليمنى على فخذه اليمنى، ووضع يده اليسرى على فخذه اليسرى".
وخالف عبدُ الرزاق الفريابيَّ، وعبدَ الله بن الوليد العدني فزاد: "ثم سجد فكانت يداه حذو أذنيه"
أخرجه في "المصنف" (2522)، وعنه أحمد 4/ 317، وكذا الطبراني 22/ (81)، والخطيب أيضا في "المدرج" 1/ 429 - 430 عن الثوري، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل بن حجر، قال:
"رمقت النبي صلى الله عليه وسلم فرفع يديه في الصلاة حين كبر، ثم حين كبر رفع يديه، ثم إذا قال: سمع الله لمن حمده رفع، قال: ثم جلس فافترش رجله اليسرى، ثم وضع يده اليسرى على ركبته اليسرى، وذراعه اليمنى على فخذه اليمنى، ثم أشار بسبابته، ووضع الإبهام على الوسطى حلق بها، وقبض سائر أصابعه، ثم سجد فكانت يداه حذو أذنيه".
واختصره الطبراني في "الدعاء" (637) حدثنا إسحاق الدبري، عن عبد الرزاق، عن الثوري، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل بن حجر رضي الله عنه:
"أن النبي صلى الله عليه وسلم لما تشهد أشار بسبابته".
قلت: قوله "ثم سجد فكانت يداه حذو أذنيه" هذه الزيادة إما أن تكون مختصرة اختصارا قد أخل بموضع الاشارة الصحيح كما هو الحال من رواية زائدة بن قدامة ومثله رواية خالد بن عبد الله الطحان، وبشر بن المفضل، وعبد الواحد بن زياد، وقيس بن الربيع، وعبد الله بن ادريس، وزهير بن معاوية، ولفظهم:
"أن النبي صلى الله عليه وسلم قام إلى الصلاة فكبر، ورفع يديه حتى حاذى بهما أذنيه (وفي رواية: منكبيه)، وأخذ شماله بيمينه، فلما أراد أن يركع رفع يديه، فلما رفع رأسه من الركوع رفع يديه، فلما سجد وضع يديه فسجد بينهما، ثم جلس فوضع يديه اليسرى على فخذه اليسرى، ومرفقه اليمنى على فخذه اليمنى، ثم عقد الخنصر والبنصر، ثم حلق الوسطى بالإبهام وأشار بالسبابة".
فهذه الرواية توافق رواية عبد الرزاق عن الثوري في أن الإشارة تكون بين السجدتين، أو أنها شاذة، شذّ بها عبد الرزاق عن صاحب الثوري الملازم له وهو الفريابي، وقد تابع الفريابي العدني كما تقدّم آنفا، ثم إن هذا الحديث رواه جمعٌ من الثقات عن عاصم فتابعوا الثوريَّ على روايته المحفوظة كما تقدّم وسيأتي تخريجها - إن شاء الله - فلم يذكر أحدٌ منهم هذه الزيادة، بل إن بعضهم قيّد موضع الإشارة بجلوس التشهد كما في رواية أبي الأحوص سلام بن سليم (وهي الطريق السادسة) وعبد الله بن إدريس (وهي الطريق الحادية عشر)، وموسى بن أبي كثير (وهي الطريق السابعة عشر)،
وعاصم بن بهدلة (وهي الطريق الثامنة عشر)، وجاء ما يوضّح كل إشكال في رواية الوضاح بن عبد الله اليشكري (وهي الطريق السابعة)، وزهير بن معاوية (وهي الطريق الثالثة عشر)، وموسى بن أبي عائشة (وهي الطريق الخامسة عشر)، ففي روايتهم تفصيل لكل الروايات المختصرة فترد إليها، وسياق الأول "لأنظرن إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يصلي، فقام فاستقبل القبلة فكبر ورفع يديه حتى حاذى بهما أذنيه، ثم قبض باليمنى على اليسرى، ثم ركع فرفع يديه فحاذى بهما أذنيه، ثم وضع كفيه على ركبتيه، ثم رفع رأسه ورفع يديه فحاذى بهما أذنيه، ثم سجد فوضع رأسه بين كفيه، ثم صلى ركعة أخرى مثلها، ثم جلس فافترش رجله اليسرى، ثم دعا ووضع كفه اليسرى على ركبته اليسرى، وكفه اليمنى على ركبته اليمنى، ودعا بالسبابة".
وسياق الثاني: "لأنظرن إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يصلي، فقام فرفع يديه حتى حاذتا بأذنيه، ثم أخذ شماله بيمينه، ثم حين أراد أن يركع رفع يديه حتى حاذتا بأذنيه، ثم وضع كفيه على ركبتيه، ثم رفع فرفع يديه مثل ذلك، ثم سجد فوضع يديه حذاء أذنيه، ثم سجد فوضع يديه حذاء أذنيه، ثم قعد فافترش رجله اليسرى، ووضع كفه اليسرى على ركبته اليسرى، ثم وضع حد مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى، وقبض ثنتين، وحلق حلقة، ثم رأيته يقول هكذا، ورفع زهير أصبعه المسبحة".
وسياق الثالث: "تفقدت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم فرأيته يرفع يديه إذا كبر، ثم يضع يديه واحدة على الأخرى، ثم إذا أراد أن يركع رفع يديه فكبر، ثم قال: سمع الله لمن حمده، فرفع فأوهمت رفع حين سجد أم لا، قال: فركع ركعتين فلما قعد للتشهد افترش رجله اليسرى ووضع يده اليمنى على فخذه، ثم عقد إصبعيه، ثم حلق حلقة وأشار بالسبابة وسلم عن يمينه، وعن يساره قال ورأيته يكبر كلما خفض ورفع".
وكذلك رواية سفيان بن عيينة (وهي الطريق الأولى) ففيها بيان موضع الإشارة: "وإذا جلس في الركعتين أضجع اليسرى ونصب اليمنى ووضع يده اليمنى على فخذه اليمنى ونصب إصبعه للدعاء ووضع يده اليسرى على رجله اليسرى".
وكذلك جاء تقييد الإشارة بالتشهد في حديث عبد الله بن الزبير، وقد تقدّم.
وسفيان الثوري: الإمام، أحد الأعلام علما وزهدا، قال ابن المبارك: ما كتبت عن أفضل منه، وقال ورقاء: لم ير سفيان مثل نفسه، ولم يذكر هذا الإمام لفظة "يحركها" ولا وجود في روايته للإدراج.
3 - أخرجه أحمد 4/ 316، والبيهقي 2/ 72 و 111، وابن المنذر في "الأوسط" (1512) و (1535)، والخطيب في "المدرج" 1/ 434 من طريق عبد الواحد، حدثنا عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل بن حجر الحضرمي، قال:
"أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: لأنظرن كيف يصلي، قال: فاستقبل القبلة، فكبر، ورفع يديه حتى كانتا حذو منكبيه، قال: ثم أخذ شماله بيمينه، قال: فلما أراد أن يركع رفع يديه حتى كانتا حذو منكبيه، فلما ركع وضع يديه على ركبتيه، فلما رفع رأسه من الركوع رفع يديه حتى كانتا حذو منكبيه، فلما سجد وضع يديه من وجهه، بذلك الموضع، فلما قعد افترش رجله اليسرى، ووضع يده اليسرى على ركبته اليسرى، ووضع حد مرفقه على فخذه اليمنى، وعقد ثلاثين وحلق واحدة، وأشار بإصبعه السبابة".
وعبد الواحد هو ابن زياد العبدي، مولاهم، أبو بشر: ثقة، في حديثه عن الأعمش وحده مقال.
وقال ابن عبد البر: أجمعوا لا خلاف بينهم أن عبد الواحد بن زياد ثقة ثبت.
وقال ابن القطان الفاسي: ثقة، لم يعتل عليه بقادح.
قلت: ولم يذكر عبد الواحد لفظة "يحركها" وليس فيه الإدراج.
4 - أخرجه أحمد 4/ 316 - 317 و 319، والبخاري في "رفع اليدين" (26) مختصرا، وابن خزيمة (697) و (698)، والطبراني 22/ (83)، وفي "الدعاء" (637)، والخطيب في "المدرج" 1/ 430 و 430 - 431 من طرق عن شعبة، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل الحضرمي، وفيه:
"فلما قعد يتشهد وضع فخذه اليمنى على اليسرى، ووضع يده اليمنى وأشار بإصبعه السبابة، وحلق بالوسطى".
ولفظ الطبراني: "لما تشهد أشار بمسبحته".
شعبة بن الحجاج: ثقة حافظ متقن، كان الثوري يقول: هو أمير المؤمنين في الحديث، ولم يذكر لفظة "يحركها" وليس فيه الإدراج، وقيّد الإشارة في جلوس التشهد.
5 - أخرجه البيهقي 2/ 131، والخطيب في "المدرج" 1/ 432 - 433 من طريق خالد بن عبد الله، حدثنا عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل بن حجر:
"أن النبي صلى الله عليه وسلم قام إلى الصلاة فكبر، ورفع يديه حتى حاذى بهما أذنيه، وأخذ شماله بيمينه، فلما أراد أن يركع رفع يديه، فلما رفع رأسه من الركوع رفع يديه، فلما سجد وضع يديه فسجد بينهما، ثم جلس فوضع يديه اليسرى على فخذه اليسرى، ومرفقه اليمنى على فخذه اليمنى، ثم عقد الخنصر والبنصر، ثم حلق الوسطى بالإبهام وأشار بالسبابة".
وقال البيهقي:
"وبمعناه رواه جماعة عن عاصم بن كليب، ونحن نجيزه ونختار ما روينا في حديث ابن عمر، ثم ما روينا في حديث ابن الزبير لثبوت خبرهما وقوة إسناده ومزية رجاله ورجاحتهم في الفضل على عاصم بن كليب وبالله التوفيق".
قلت: وخالد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن يزيد الطحان أبو الهيثم: ثقة ثبت، ولم يذكر لفظة "يحركها" وليس فيه الإدراج.
6 - أخرجه الطيالسي (1113)، والطبراني 22/ (80)، والطحاوي في "شرح المعاني" 1/ 259، ومن طريقه ابن المقرئ في "الأربعين" (40)،
والدارقطني 2/ 54، والخطيب في "المدرج" 1/ 431 - 432 عن أبي الأحوص سلام بن سليم، قال: حدثنا عاصم بن كليب، عن أبيه، عن
وائل بن حجر الحضرمي رضي الله عنه، قال:
"لأحفظن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فلما قعد للتشهد فرش رجله اليسرى ثم قعد عليها ووضع كفه اليسرى على فخذه اليسرى ووضع مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى، ثم عقد أصابعه وجعل حلقة الإبهام والوسطى ثم جعل يدعو بالأخرى".
أبو الأحوص سلام بن سليم: ثقة متقن صاحب حديث، ولم يذكر لفظة "يحركها" وليس فيه الإدراج، وقيّد موضع الإشارة في جلوس التشهد.
7 - أخرجه الطبراني 22/ (90)، والخطيب في "المدرج" 1/ 432 من طرق عن أبي عوانة، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل الحضرمي، قال: قلت:
"لأنظرن إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يصلي، فقام فاستقبل القبلة فكبر ورفع يديه حتى حاذى بهما أذنيه، ثم قبض باليمنى على اليسرى، ثم ركع فرفع يديه فحاذى بهما أذنيه، ثم وضع كفيه على ركبتيه، ثم رفع رأسه ورفع يديه فحاذى بهما أذنيه، ثم سجد فوضع رأسه بين كفيه، ثم صلى ركعة أخرى مثلها، ثم جلس فافترش رجله اليسرى، ثم دعا ووضع كفه اليسرى على ركبته اليسرى، وكفه اليمنى على ركبته اليمنى، ودعا بالسبابة".
وأبو عوانة هو الوضاح بن عبد الله اليشكري: ثقة ثبت، ولم يذكر لفظة "يحركها" وليس فيه الإدراج، وهذه الرواية تفصيلية فسياقها يزيل كل إشكال جاء في بعض الروايات المختصرة، ومثلها رواية زهير بن معاوية، وهي (الطريق الثالثة عشر)، وموسى بن أبي عائشة وهي (الطريق الخامسة عشر).
8 - أخرجه أبو داود (726) و (957) - ومن طريقه البغوي في "شرح السنة" (563) -، والنسائي (1265)، وفي "الكبرى" (1189)، وابن ماجه (867)، والطبراني 22/ (86)، والخطيب في "المدرج" 1/ 435 من طريق بشر بن المفضل، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل بن حجر، قال: قلت:
"لأنظرن إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يصلي؟ قال: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستقبل القبلة، فكبر فرفع يديه حتى حاذتا أذنيه، ثم أخذ شماله بيمينه، فلما أراد أن يركع رفعهما مثل ذلك، ثم وضع يديه على ركبتيه، فلما رفع رأسه من الركوع رفعهما مثل ذلك، فلما سجد وضع رأسه بذلك المنزل من بين يديه، ثم جلس فافترش رجله اليسرى ووضع يده اليسرى على فخذه اليسرى، وحد مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى، وقبض ثنتين وحلق حلقة، ورأيته يقول: هكذا، وحلق بشر الإبهام والوسطى، وأشار بالسبابة".
وبشر بن المفضل بن لاحق الرقاشي مولاهم: ثقة ثبت عابد، ولم يذكر لفظة "يحركها" وليس فيه الإدراج.
9 - أخرجه الطبراني 22/ (87) من طريق عنبسة بن سعيد الأسدي، عن عاصم بن كليب ويكنى أبا بكر، عن أبيه، عن وائل بن حجر، قال: قلت:
"لأنظرن النبي صلى الله عليه وسلم كيف يصلي...
وقال الطبراني: فذكر نحو حديث بشر بن المفضل.
قلت: وعنبسة بن سعيد: ثقة، لكن ليس في رواية الطبراني عن بشر بن المفضل صفة جلوس التشهد، ولفظه عند أصحاب السنن خلا الترمذي: "ثم جلس فافترش رجله اليسرى ووضع يده اليسرى على فخذه اليسرى، وحد مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى، وقبض ثنتين وحلق حلقة، ورأيته يقول: هكذا، وحلق بشر الإبهام والوسطى، وأشار بالسبابة" وتخريجه في الطريق الثامنة عن عاصم بن كليب.
10 - أخرجه الطبراني 22/ (88) من طريق غيلان بن جامع، عن
عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل بن حجر، قال:
"صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم، فلما افتتح الصلاة كبر ...
وقال الطبراني: "ثم ذكر نحوه" يعني نحو رواية بشر بن المفضل.
قلت: وغيلان بن جامع: ثقة.
11 - أخرجه الترمذي (292) حدثنا أبو كريب - محمد بن العلاء بن كريب - والنسائي (1102) أخبرني أحمد بن ناصح - المصيصي -، وابن ماجه (912) حدثنا علي بن محمد - الطنافسي -، وابن أبي شيبة في "المصنف" 1/ 233، 234، 259، 283، 390 و 2/ 485 - 486 و 10/ 379 مختصرًا في عدة مواضع (بذكر رفع اليدين عند الافتتاح والركوع والرفع منه، وبقبض اليدين في القيام، وبثني - الرجل - اليسرى ونصب اليمنى ورفع السبابة)، وابن خزيمة (477) حدثنا عبد الله بن سعيد الأشج (بذكر رفع اليدين في تكبيرة الإحرام وقبضهما)، وابن حبان (1945) من طريق سلم بن جنادة، وابن الجارود في "المنتقى" (202) حدثنا علي بن خشرم مختصرًا، كلهم من طريق عبد الله بن إدريس، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل بن حجر، قال:
"قدمت المدينة، قلت: لأنظرن إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما جلس - يعني للتشهد -: افترش رجله اليسرى، ووضع يده اليسرى - يعني - على فخذه اليسرى، ونصب رجله اليمنى" واللفظ للترمذي.
ولفظ النسائي: "قدمت المدينة فقلت: لأنظرن إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكبر ورفع يديه حتى رأيت إبهاميه قريبا من أذنيه، فلما أراد أن يركع كبر ورفع يديه، ثم رفع رأسه فقال: سمع الله لمن حمده. ثم كبر وسجد، فكانت يداه من أذنيه على الموضع الذي استقبل بهما الصلاة".
ولفظ ابن ماجه: "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم قد حلق الإبهام والوسطى، ورفع التي تليهما، يدعو بها في التشهد".
واجتمعت هذه الروايات في سياق ابن حبان، ولفظه:
"قدمنا المدينة وهم ينفضون أيديهم من تحت الثياب، فقلت: لأنظرن إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فكبر حتى افتتح الصلاة، ورفع يديه حتى رأيت إبهاميه قريبا من أذنيه، قال: ثم أخذ شماله بيمينه فلما ركع رفع يديه فلما رفع رأسه قال: سمع الله لمن حمده. ثم كبر، ورفع يديه، ثم سجد فوضع رأسه بين يديه في الموضع من وجهه، فلما جلس افترش قدميه، ووضع مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى، وقبض خنصره والتي تليها، وجمع بين إبهامه والوسطى، ورفع التي تليها يدعو بها".
وقال الترمذي:
"هذا حديث حسن صحيح".
وعبد الله بن إدريس بن يزيد الأودي الزعافري: ثقة فقيه عابد.
قال الذهبي: أحد الأعلام.
ولم يذكر لفظة "يحركها" وليس فيه الإدراج، وقيّدت روايته الإشارة في التشهد.
12 - أخرجه الطبراني 22/ (79) و (93) من طريق قيس بن الربيع، عن عاصم بن كليب الجرمي، عن أبيه، عن وائل بن حجر، قال:
"رأيت النبي صلى الله عليه وسلم افتتح الصلاة، وكبر ورفع يديه، ثم أخذ شماله بيمينه، فلما أراد أن يركع كبر فرفع يديه فوضع راحتيه على ركبتيه، وفرج بين أصابعه، فلما رفع رأسه كبر ورفع، فلما سجد وضع جبينه بين كفيه، ونصب أصابع رجليه، فلما رفع ثنى رجله اليسرى، ونصب أصابع رجله اليمنى، فلما جلس وضع كفه اليسرى على فخذه اليسرى، ووضع مرفقه اليمنى على فخذه اليمنى، وعقد الخنصر والتي تليها، وحلق بالوسطى، والإبهام وأشار بالسبابة يدعو بها".
وقيس بن الربيع: صدوق تغير لما كبر، وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه، فحدث به كما في "التقريب"، لكن روايته هذه ثبت لنا ضبطه إياها لموافقته الأئمة الأثبات كما تقدم وسيأتي مَنْ وافقه أيضًا.
13 - أخرجه أحمد 4/ 318 - 319، ومن طريقه الخطيب في "المدرج" 1/ 437 - 438 حدثنا أسود بن عامر، والطبراني 22/ (84)، وفي "الدعاء" (637) من طريق أبي غسان مالك بن إسماعيل، كلاهما عن
زهير بن معاوية، عن عاصم بن كليب، أن أباه أخبره، أن وائل بن حجر أخبره قال: قلت:
"لأنظرن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يصلي، فقام فرفع يديه حتى حاذتا أذنيه، ثم أخذ شماله بيمينه، ثم قال: حين أراد أن يركع، رفع يديه حتى حاذتا بأذنيه، ثم وضع يديه على ركبتيه، ثم رفع فرفع يديه مثل ذلك، ثم سجد فوضع يديه حذاء أذنيه، ثم قعد فافترش رجله اليسرى، ووضع كفه اليسرى على ركبته اليسرى، فخذه في صفة عاصم، ثم وضع حد مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى، وقبض ثلاثين، وحلق حلقة، ثم رأيته يقول هكذا، وأشار زهير بسبابته الأولى، وقبض إصبعين، وحلق الإبهام على السبابة الثانية، قال زهير: قال عاصم: وحدثني عبد الجبار، عن بعض أهله، أن وائلا قال: أتيته مرة أخرى وعلى الناس ثياب فيها البرانس وفيها الأكسية، فرأيتهم يقولون: هكذا تحت الثياب".
وجاء لفظه مختصرًا عند الطبراني في "الدعاء":
"لما تشهد أشار بسبابته".
واللفظ لأحمد، ولفظ الطبراني: قال:
"قلت: لأنظرن إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يصلي، فقام فرفع يديه حتى حاذتا بأذنيه، ثم أخذ شماله بيمينه، ثم حين أراد أن يركع رفع يديه حتى حاذتا بأذنيه، ثم وضع كفيه على ركبتيه، ثم رفع فرفع يديه مثل ذلك، ثم سجد فوضع يديه حذاء أذنيه، ثم سجد فوضع يديه حذاء أذنيه، ثم قعد فافترش رجله اليسرى، ووضع كفه اليسرى على ركبته اليسرى، ثم وضع حد مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى، وقبض ثنتين، وحلق حلقة، ثم رأيته يقول هكذا، ورفع زهير أصبعه المسبحة".
وأبو غسان مالك بن إسماعيل: حجة كما قال الذهبي، وقال الحافظ:
"ثقة متقن صحيح الكتاب".
وروايته بيّنت موضع الإشارة بما لا مجال للشك معه، فهي تنضاف إلى رواية الوضاح بن عبد الله اليشكري ويتبيّن منهما موضع الإشارة، وأن محله الجلوس ما بين الركعتين، وقد تقدّم في بعضها تقييده بالتشهد، فالروايات بعضها يدل على بعض، وبمجموعها يزول أي وهم، وزهير بن معاوية: حافظ، ثقة حجة، ولم يذكر لفظة "يحركها" وفصل الجملة المدرجة، وبين إسنادها وميّزها مما قبلها، وتابعه على ذلك أبو بدر شجاع بن الوليد:
وهو الرابع عشر: أخرجه الخطيب في "المدرج" 1/ 438 حدثنا العلاء بن حزم، حدثنا الحبال، أخبرنا الحسين بن ميمون، ومحمد بن الحسن الناقد، قالا: أخبرنا أبو الطاهر القاضي، حدثنا موسى بن هارون، حدثنا
حمدون بن عباد، حدثنا أبو بدر شجاع بن الوليد، حدثنا عاصم بن كليب الجرمي، أن أباه حدثه أنه سمع وائل بن حجر يقول:
"بَقيتُ [[1]] رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قلت لأنظرن إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يصلي، قال: فقام فكبر ورفع يديه حتى حاذتا بأذنيه - وساق موسى الحديث بطوله نحو رواية زهير إلى أن قال -: ثم رأيته يقول: هكذا وأشار عاصم بالسبابة هكذا، ثم قال موسى: حدثنا حمدون بن عباد حدثنا أبو بدر شجاع بن الوليد، حدثنا عاصم بن كليب قال: حدثني عبد الجبار بن وائل عن بعض أهله أن وائل بن حجر، قال: ثم أتيته مرة أخرى وعلى الناس ثياب الشتاء فيها البرانس والأكسية قال: فرأيتهم يقولون هكذا بأيديهم من تحت الثياب".
وقال الخطيب البغدادي:
"فوصف عاصم بن كليب رفع أيديهم، قال أبو عمران موسى بن هارون: اتفق زهير بن معاوية وشجاع بن الوليد، فرويا صفة الصلاة عن عاصم بن كليب أن أباه أخبره أن وائل بن حجر أخبره، ثم فصلا ذكر رفع الأيدي من تحت الثياب، فروياه عن عاصم بن كليب أنه حدثه به عبد الجبار بن وائل عن بعض أهله عن وائل بن حجر، وهذه الرواية مضبوطة اتفق عليها زهير بن معاوية وشجاع بن الوليد فهما أثبت له رواية ممن روى رفع الأيدي من تحت الثياب عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر.
وقد رواه غير واحد فجعلوه عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر وذاك عندنا وهم ممن وهم فيه، وإنما سلك به الذي وهم فيه المحجة السهلة [[2]]، لأن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر، أسهل عليه من عاصم بن كليب عن عبد الجبار بن وائل عن بعض أهله عن وائل بن حجر.
قال موسى- بن هارون الحمال -: فإن قال قائل فإن يحيى الحماني
وعثمان بن أبي شيبة رويا جميعا عن شريك عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر:
"أن النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه حين افتتح الصلاة حذو أذنيه" ثم لم يذكر شريك في حديثه رفع اليدين للركوع ولا هذه الصفات.
قيل له إنما هذا اختصار من شريك، لأنا قد وجدناه من رواية إسحاق الأزرق عن شريك وفيه رفع اليدين للركوع، وفيه من الصفات أكثر من عشر سنن قد ذكرها شريك في حديثه عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر، وقال في آخره قال: وحدثني علقمة ابنه عنه قال: أتيته في الشتاء - يعني النبي صلى الله عليه وسلم - وعليهم الأكسية والبرانس فجعلوا لا يستطيعون أن يرفعوا أيديهم إلا في أكسيتهم.
قال موسى: حدثني به محمد بن بشر، حدثنا تميم بن المنتصر، أخبرنا إسحاق الأزرق، عن شريك.
وسماع إسحاق من شريك قبل سماع الحماني وعثمان بن أبي شيبة بدهر طويل، وقد وهم شريك إذ ذكر في آخر الحديث علقمة بن وائل، والصواب قال: وحدثني عبد الجبار ابنه فجعل شريك مكان عبد الجبار بن وائل: علقمة بن وائل.
قال الخطيب: وقد روى وكيع بن الجراح عن شريك قصة رفع الأيدي في الثياب كرواية إسحاق الأزرق.
أخبرنا بذلك القاضي أبو عمر الهاشمي، حدثنا محمد أحمد اللؤلؤي، حدثنا أبو داود - وهو في سننه (729) -: حدثنا محمد بن سليمان الأنباري، حدثنا وكيع، عن شريك، عن عاصم بن كليب، عن علقمة، عن وائل بن حجر، قال:
"أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في الشتاء فرأيت أصحابه يرفعون أيديهم في ثيابهم في الصلاة".
وأما حديث عثمان بن أبي شيبة عن شريك الذي ذكره موسى بن هارون: فأخبرناه الحسن بن علي بن أحمد بن بشار السابوري - بالبصرة - أخبرنا محمد بن بكر بن محمد بن عبد الرزاق التمار، قال: حدثنا أبو داود
سليمان بن الأشعث - وهو في سننه (728) - وأخبرناه القاضي أبو عمر الهاشمي، حدثنا محمد بن أحمد اللؤلؤي، حدثنا أبو داود.
وأخبرنا عبد العزيز بن علي، أخبرنا محمد بن أحمد المفيد، حدثنا الحسن بن علي المعمري قالا: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا شريك، عن
عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل ابن حجر، قال:
"رأيت النبي صلى الله عليه وسلم حين افتتح الصلاة رفع يديه حيال أذنيه قال: ثم أتيتهم فرأيتهم يرفعون أيديهم إلى صدورهم وعليهم برانس وأكسية " هذا لفظ حديث أبي داود.
وفي حديث المعمري: "ثم أتيتهم في العام المقبل فرأيتهم يرفعون أيديهم إلى صدورهم في افتتاح الصلاة وعليهم البرانس".
وأما حديث يحيى الحماني: فحدثناه العلاء بن حزم، حدثنا الحبال، أخبرنا الحسين بن ميمون ومحمد بن الحسن الناقد قالا: أخبرنا أبو الطاهر القاضي، حدثنا موسى بن هارون، حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني، حدثنا شريك، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل بن حجر، قال:
"أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في الشتاء فرأيتهم يصلون في البرانس والأكسية وأيديهم فيها يرفعونها إلى نحورهم أو قال: إلى صدورهم".
قال موسى: وهذا حديث لا إسناده حفظ ولا متنه ضبط.
فأما الإسناد فإنما رواه عاصم بن كليب، عن عبد الجبار بن وائل، عن بعض أهله عن وائل بن حجر.
وأما قوله إلى نحورهم أو صدورهم فلا أعلم أحدا ذكره في حديث عاصم بن كليب.
وإنما هو قال: أتيتهم في الشتاء وعليهم الأكسية البرانس، فجعلوا يرفعون أيديهم من تحت الثياب وإنما هذا التخليط في الإسناد وفي المتن من شريك كان بأخرة قد ساء حفظه، ولم يكن رحمه الله بأثبت الناس قبل أن يسوء حفظه.
قال الخطيب: وروى قصة رفع الأيدي في البرانس والأكسية وريزة بن محمد الغساني الأطرابلسي عن إبراهيم بن عبد الله الهروي عن شريك فوهم فيه وهما فظيعا وأخطأ خطأ شنيعا.
وذلك أنه رواه عن عاصم بن كليب عن أبيه عن خاله الفلتان بن عاصم.
حدثنيه عبد العزيز بن أبي طاهر الصوفي، أخبرنا تمام بن محمد بن عبد الله الرازي، أخبرنا أبو الميمون عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن راشد البجلي، حدثنا أبو هاشم وريزة الغساني حدثنا إبراهيم بن عبد الله الهروي، حدثنا شريك، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن خاله الفلتان بن عاصم، قال:
"أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فوجدتهم يصلون في البرانس والأكسية ويرفعون فيها أيديهم".
قال الخطيب:
"ولا أعلم أحدا وافق وريزة على هذه الرواية، فالله أعلم".
15 - أخرجه البزار (4489) حدثنا معمر بن سهل، قال: حدثنا عامر بن مدرك، قال: حدثنا خلاد، يعني ابن مسلم الصفار، عن موسى بن أبي عائشة، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل بن حجر، رضي الله عنه، قال:
"تفقدت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم فرأيته يرفع يديه إذا كبر، ثم يضع يديه واحدة على الأخرى، ثم إذا أراد أن يركع رفع يديه فكبر، ثم قال سمع الله لمن حمده فرفع فأوهمت رفع حين سجد أم لا قال فركع ركعتين فلما قعد للتشهد افترش رجله اليسرى ووضع يده اليمنى على فخذه، ثم عقد إصبعيه، ثم حلق حلقة وأشار بالسبابة وسلم عن يمينه، وعن يساره قال ورأيته يكبر كلما خفض ورفع".
وهذا الحديث صحيح لغيره، واسناده فيه ضعف فإن عامر بن مدرك ليّن الحديث كما في "التقريب".
وأما معمر بن سهل بن معمر الْأَهْوَازِي فقد روى عنه جمع، ووثقه ابن حبان في كتاب "الثقات" 9/ 196 بقوله:
"شيخ متقن يغرب".
وقد جاء بما يُستغرب منه، فقد جعل هذا الحديث من رواية الثوري عن موسى بن أبي عائشة:
أخرجه الطبراني في "الدعاء" (637) حدثنا أحمد بن زهير التستري، حدثنا معمر بن سهل، حدثنا محمد بن إسماعيل الكوفي، عن سفيان الثوري، عن موسى بن أبي عائشة، عن عاصم بن كليب عن أبيه، عن وائل بن حجر رضي الله عنه:
"أن النبي صلى الله عليه وسلم لما تشهد أشار بسبابته".
16 - أخرجه ابن خزيمة (713) من طريق ابن فضيل، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل بن حجر، قال:
"كنت فيمن أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: لأنظرن إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يصلي، فلما جلس افترش رجله اليسرى، ثم وضع يده اليسرى على فخذه اليسرى، ثم وضع حد مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى، ثم عقد يعني ثنتين ثم حلق، وجعل يشير بالسباحة يدعو".
محمد بن فضيل بن غزوان بن جرير الضبي مولاهم: صدوق عارف رمي بالتشيع كما في "التقريب".
وقال الذهبي: "ثقة شيعي".
17 - أخرجه الطبراني 22/ (89) من طريقين عن موسى بن أبي كثير قال: حدثني عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل بن حجر، قال:
"صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما كبر رفع يديه، فلما أراد أن يركع رفع يديه، ولما أراد أن يسجد رفع يديه، وكان إذا جلس للتشهد يشير بإصبعه السبابة".
وهذا إسناد حسن لذاته، صحيح لغيره، موسى بن أبي كثير: قال فيه الذهبي:
"ثقة، قدري، وقيل: مرجئ".
وقال الحافظ في "التقريب":
"صدوق رمى بالإرجاء لم يصب من ضعفه".
18 - أخرجه الطبراني في "الدعاء" (637) حدثنا عبدان، حدثنا معمر، حدثنا محمد بن إسماعيل، عن خلاد الصفار، عن عاصم، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل بن حجر رضي الله عنه:
"أن النبي صلى الله عليه وسلم لما تشهد أشار بسبابته".
قلت: وهذا إسناد حسن، عاصم هو ابن بهدلة: صدوق له أوهام حجة في القراءة، وحديثه في الصحيحين مقرون.
وخلاد بن عيسى الصفار، ويقال خلاد بن مسلم، وهو العبدي لا بأس به.
ومعمر هو ابن سهل بن معمر الأهواز، روى عنه جمع، ووصفه ابن حبان بالإتقان في كتابه "الثقات" 9/ 196.
هذا آخر ما تيسّر لي من طرق الحديث عن عاصم بن كليب، وقد جاء هذا الحديث بإسناد عنه على غير الجادة:
أخرجه الترمذي (3587) حدثنا عقبة بن مكرم، قال: حدثنا سعيد بن سفيان الجحدري، قال: حدثنا عبد الله بن معدان، قال: أخبرني عاصم بن كليب الجرمي، عن أبيه، عن جده، قال:
"دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي وقد وضع يده اليسرى على فخذه اليسرى، ووضع يده اليمنى على فخذه اليمنى وقبض أصابعه وبسط السبابة، وهو يقول: يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك".
وقال الترمذي:
"هذا حديث غريب من هذا الوجه".
غريب: معناه عند أبي عيسى الترمذي: ضعيف، وعبد الله بن معدان ويقال: عامر بن مرة، ويقال عامر بن زرارة، قال الحافظ في "التقريب": "مقبول" يعني حيث يتابع وإلا فلين الحديث.
وسعيد بن سفيان الجحدري: صدوق يخطئ، ومما لا ريب في نكارته إذ الحديث محفوظ عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل بن حجر، والله أعلم.

وأما حديث عقبة بن عامر:
فأخرجه المؤمل بن إيهاب في "حديثه" (ص 98) حدثنا زيد بن الحباب، حدثنا ابن لهيعة، عن عبد الله بن هبيرة، عن أبي غسان، عن عقبة بن عامر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"في كل إشارة الصلاة عشر حسنات".
وهذا إسناد ضعيف، أبو غسان: لا أدري مَنْ هو.
وقال الألباني في "الصحيحة" 7/ 848 - بعد عزوه هذا الحديث للمؤمل وابن أبي الحديد السلمي في "حديث أبي الفضل السلمي" (4/ 2) - إلا أنهما قالا:
"عن أبي عُشَّانة" فالظاهر أنه تصحيف في المطبوع.
وعبد الله بن لهيعة: صدوق، خلط بعد احتراق كتبه ورواية ابن المبارك وابن وهب عنه أعدل من غيرهما كما في "التقريب" وليس هذا منها.
وأخرجه أبو عثمان البحيري في "الفوائد" (ق 39/ 2)، والديلمي (4/ 344) من طريق ابن لهيعة، عن عبد الله بن هبيرة: أخبرني أبو مصعب المعافري: سمعت عقبة بن عامر مرفوعا:
"يُكتبُ في كلِّ إشارةٍ يشيرُ الرجلُ [بيده] في صلاتهِ عَشرُ حسناتٍ، كلّ إِصبعٍ حسنةٌ".
ورجّح الألباني هذه سندًا ومتنًا برواية الطبراني في "المعجم الكبير" من طريق أبي عبد الرحمن المقرئ، عن ابن لهيعة: حدثني ابن هبيرة: أن أبا المصعب مِشرح بن هاعان المعافري حدثه: أنه سمع عقبة بن عامر الجهني به، والزيادة منه.
إلا أنه في حكم المرفوع كما هو ظاهر، لأنه لا يقال بمجرد الرأي.
وإسناده صحيح، فإن أبا عبد الرحمن المقرئ - وهو عبد الله بن يزيد المصري - من جملة العبادلة الذين سمعوا من ابن لهيعة قبل تغير حفظه، ومنهم عبد الله بن المبارك، ورواية الديلمي من طريقه، لكن فيه من لم أعرفه، وقد رواه معلقا على الحاكم، وإليه عزاه السيوطي في "الجامع الكبير"، لكن قيده بقوله: ".. في (تاريخه)"، وعزاه فيه، وفي "الجامع الصغير" أيضا للمؤمَّل بن إهاب في "جزئه"! وفاته أن يعزوه للطبراني، مع أنه في "مجمع الزوائد"، وقال 2/ 103:
"رواه الطبراني، وإسناده حسن".
وكذا قال المناوي في "التيسير"، دون أن يعزوه لأحد، وأما في أصله "الفيض"، فقال: "قال البيهقي: وسنده حسن".
ويغلب على ظني أن (البيهقي) محرف من (الهيثمي).
(تنبيه): لقد توهم بعض الفضلاء أن الحديث يعني: الإشارة بإصبعه السبابة وتحريكها في تشهد الصلاة، وأن له بكل تحريك عشر حسناتٍ! وهذا وهم محض، ويؤكده زيادة: (بيده)، ولم يقل: (بإصبعه)، ولذلك أورده الهيثمي في "باب رفع اليدين في الصلاة".
قلت: ويؤيد أن الحديث من رواية مشرح بن هاعان، عن عقبة بن عامر: ما أخرجه صالح بن الإمام أحمد في "مسائله عن أبيه" رفع اليدين في الصلاة برقم (1575) حدثنا السالحيني والأشيب، عن ابن لهيعة، عن عبد الله بن هبيرة، عن أبي مصعب مشرح بن هاعان، عن عقبة بن عامر، قال:
"إن الرجل بكل إشارة يشير بها في الصلاة عشر حسنات".
قال السالحيني: بكل أصبع.
ومشرح بن هاعان: تكلّم الحفّاظ في روايته عن عقبة بن عامر خاصة:
قال الحافظ في "تهذيب التهذيب" 10/ 155:
قال ابن حبان في "الثقات":
"يخطئ ويخالف".
ثم قال في "الضعفاء":
"يروى عن عقبة مناكير لا يتابع عليها، فالصواب ترك ما انفرد به".

وفي الباب عن أبي حميد الساعدي، وعائشة:

أما حديث أبي حميد الساعدي:
فقد تقدّم تخريجه تحت الحديث رقم (125)، وفيه: "فإذا جلس في الركعتين جلس على رجله اليسرى، ونصب اليمنى".

وأما حديث عائشة:
فقد تقدّم تخريجه أيضا تحت الحديث رقم (138)، وفيه: "كان يقول في كل ركعتين التحية، وكان يفرش رجله اليسرى وينصب رجله اليمنى".

يستفاد من الحديث


أولًا: أن المصلي إذا جلس للتشهد يضع إبهامه على إصبعه الوسطى، أو يجمع كل أصابع يده اليمنى، ويشير بالسبابة بلا تحريك ولا يحنيها، قال الترمذي في "سننه" 2/ 88:
"والعمل عليه عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، والتابعين: يختارون الإشارة في التشهد، وهو قول أصحابنا".
ولما سُئل الإمام أحمد هل يشير الرجل بأصبعه في الصلاة؟ قال: نعم شديدا.
يعني يشد السبابة تجاه القبلة، ولا يحنيها لأن الحديث الوارد في حني السبابة ضعيف - كما تقدّم من حديث نمير الخزاعي - فاعلم ذلك فإنه مهم، ولا يُفهم من قول الإمام أحمد التحريك مطلقا، فإنه إنما سُئل رحمه الله تعالى عن الإشارة ولم يسئل عن التحريك.
وقد فسّر أبو بكر الحميدي صاحب المسند راوي الحديث عن سفيان بن عيينة الإشارة بنصب السبابة، وهذا يوافق ما قاله الإمام أحمد آنفًا.
فإن قيل: إن الإشارة في حديث وائل تتفق مع التحريك ولا تنافيه؟! فجوابه أن تفسير الإشارة بنصب السبابة ينافي التحريك خفضا ورفعا، وكذا تحريكها يمينا وشمالا، أو على هيئة دائرية، فهذا لا يقال إنه نصب السبابة.

ثانيًا: يبسط يده اليسرى على ركبته اليسرى.

ثالثًا: أنه إذا فرغ المصلي من التشهد يقوم بخفض السبابة، والتشهد معروف معلوم، فهو يبدأ من (التحيات لله) إلى تمام (وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله).

رابعًا: أنه إذا جلس في الركعتين يجلس على رجله اليسرى، وينصب رجله اليمنى.


كتبه 
أبو سامي العبدان 
حسن التمام
15 - 6 - 1440 هجري

٭ ٭ ٭



[1] - بفتح الباء الموحدة والقاف وسكون المثناة التحتية وآخره تاء الفاعل - وكتب مقابله في الهامش (في نسخة السماع ففيت) بفائين.
قال ابن الأثير في النهاية 1/ 147: يقال: بقيت الرجل أبقيه إذا انتظرته ورقبته.
[2] - عدم سلوك الراوي في روايته الجادة دليل على يقظته.

حقوق النشر لكل مسلم يريد نشر الخير إتفاقية الإستخدام | Privacy-Policy| سياسة الخصوصية

أبو سامي العبدان حسن التمام