(320) "شهدت ابن الزبير بمكة وهو أمير فوافق يوم فطر أو أضحى
يوم الجمعة، فأخّر الخروج حتى ارتفع النهار، فخرج وصعد المنبر فخطب وأطال، ثم صلى
ركعتين ولم يصل الجمعة، فعاتبه عليه ناس من بني أمية بن عبد شمس، فبلغ ذلك ابن عباس، فقال: أصاب ابن الزبير السنة،
فبلغ ابن الزبير، فقال: رأيت عمر بن الخطاب إذا اجتمع عيدان، صنع مثل هذا".
إسناده صحيح - أخرجه
النسائي (1592)، وفي "الكبرى" (1807)، والفاكهي في "أخبار
مكة" (1845)، وابن خزيمة (1465)، وابن المنذر في "الأوسط" (2181)،
والحاكم 1/ 296 من طريق يحيى القطان، وابن أبي شيبة 2/ 186 عن أبي خالد الأحمر،
وابن خزيمة (1465) من طريق سليم بن أخضر، ثلاثتهم عن عبد
الحميد بن جعفر، قال: حدثني وهب بن كيسان، قال: فذكره.
وقال الحاكم:
"هذا حديث صحيح على شرط
الشيخين، ولم يخرجاه" وأقره الذهبي!
إسناده صحيح، وليس على
شرطهما.
وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 187
عن أبي أسامة، عن هشام بن عروة، عن وهب بن كيسان، قال:
"اجتمع عيدان في يوم،
فخرج عبد الله بن الزبير فصلى العيد بعدما ارتفع النهار، ثم دخل فلم يخرج حتى صلى
العصر، قال هشام: فذكرت ذلك لنافع، أو ذكر له فقال: ذكر ذلك لابن عمر، فلم
ينكره".
وإسناده على شرط الشيخين.
وله طريق أخرى عن ابن الزبير:
أخرجه أبو داود (1071) من
طريق أسباط، عن الأعمش، عن عطاء بن أبي رباح، قال:
"صلى بنا ابن الزبير في
يوم عيد، في يوم جمعة أول النهار، ثم رحنا إلى الجمعة، فلم يخرج إلينا فصلينا
وحدانا، وكان ابن عباس بالطائف، فلما قدم ذكرنا ذلك له، فقال: أصاب السنة".
وإسناده صحيح.
وأخرجه أبو داود (1072) من
طريق أبي عاصم الضحاك بن مخلد، عن ابن جريج، قال: قال عطاء:
"اجتمع يوم جمعة، ويوم
فطر على عهد ابن الزبير، فقال: عيدان اجتمعا في يوم واحد، فجمعهما جميعا فصلاهما
ركعتين بكرة، لم يزد عليهما حتى صلى العصر".
وإسناده صحيح.
وأخرجه عبد الرزاق (5725) -
ومن طريقه ابن المنذر في "الأوسط" (2182) - عن ابن جريج، قال: قال عطاء:
"إن اجتمع يوم الجمعة
ويوم الفطر في يوم واحد فليجمعهما فليصل ركعتين قط حيث يصلي صلاة الفطر ثم هي هي
حتى العصر، ثم أخبرني عند ذلك قال: اجتمع يوم فطر ويوم جمعة في يوم واحد في زمان
ابن الزبير، فقال ابن الزبير: عيدان اجتمعا في يوم واحد فجمعهما جميعا بجعلهما
واحدا، وصلى يوم الجمعة ركعتين بكرة صلاة الفطر، ثم لم يزد عليها حتى صلى العصر،
قال: فأما الفقهاء فلم يقولوا في ذلك، وأما من لم يفقه فأنكر ذلك عليه، قال: ولقد
أنكرت أنا ذلك عليه وصليت الظهر يومئذ، قال: حتى بلغنا بعد أن العيدين كانا إذا
اجتمعا كذلك صليا واحدة، وذكر ذلك عن محمد بن علي بن حسين أخبر أنهما كانا يجمعان
إذا اجتمعا، قالا: إنه وجده في كتاب لعلي، زعم".
وأخرجه الطبراني 12/ (13591)،
وابن عدي في "الكامل" 4/ 431 من طريق عيسى بن إبراهيم البركي، حدثنا
سعيد بن راشد السماك، حدثنا عطاء بن أبي رباح، عن ابن عمر، قال:
"اجتمع عيدان على عهد
رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فطر وجمعة، فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه
وسلم صلاة العيد، ثم أقبل عليهم بوجهه، فقال:
يا أيها الناس إنكم قد أصبتم
خيرا وأجرا، وإنا مجمعون فمن أراد أن يجمع معنا فليجمع، ومن أراد أن يرجع إلى أهله
فليرجع".
وإسناده ضعيف جدا، سعيد بن
راشد السماك: متروك.
وفي الباب عن
زيد بن أرقم، وأبي هريرة، وابن عمر:
أما حديث زيد
بن أرقم:
فأخرجه أبو داود (1070)،
والبخاري في "التاريخ الكبير" 1/ 438، والطبراني 5/ (5120)، والبيهقي في
"المعرفة" (7023)، وابن عبد البر في "الاستذكار" 2/ 386 عن
محمد بن كثير، والنسائي (1591)، وفي "الكبرى" (1806)، وأحمد 4/ 372،
وابن خزيمة (1464) عن عبد الرحمن بن مهدي، وابن ماجه (1310) من طريق أبي أحمد
الزبيري، وابن أبي شيبة 2/ 187 عن عبد الله بن نمير، والدارمي (1612)، ويعقوب بن
سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/ 303، والبيهقي في "السنن
الصغير" (711) عن عبيد الله بن موسى، والطحاوي في "شرح مشكل
الآثار" (1154)، والبيهقي 3/ 317 من طريق أبي داود الطيالسي ( وهو في
"مسنده" (720) )، والحاكم 1/ 288 من طريق مالك بن إسماعيل، والطحاوي في
"شرح مشكل الآثار" (1153) من طريق يحيى بن أبي بكير الكرماني، سبعتهم عن
إسرائيل بن يونس، عن عثمان بن المغيرة الثقفي، عن إياس بن أبي رملة الشامي، قال:
"شهدت معاوية، سأل زيد
بن أرقم: شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عيدين اجتمعا؟ قال: نعم، صلى العيد
أول النهار، ثم رخص في الجمعة، فقال: من شاء أن يجمع فليجمع".
وفي لفظ: "سمعت رجلا سأل
زيد بن أرقم: هل شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عيدين في يوم؟ قال: نعم،
قال: فكيف كان يصنع؟ قال: صلى العيد، ثم رخص في الجمعة، ثم قال: من شاء أن يصلي
فليصل".
وقال الحاكم:
"هذا حديث صحيح الإسناد
ولم يخرجاه" وأقره الذهبي.
وإسناده ضعيف، إياس بن أبي
رملة الشامي: مجهول.
وأما حديث
أبي هريرة:
فأخرجه أبو داود (1073)، والفريابي
في "أحكام العيدين" (150)، وابن ماسي في "فوائده" (31)،
والحاكم 1/ 288 [1]،
والبيهقي 3/ 318، وابن عبد البر في "التمهيد" 10/ 272 عن محمد بن المصفى [2]،
وأبو داود (1073) عن عمر بن حفص الوصابي، وابن ماجه (1311)، والطحاوي في "شرح
مشكل الآثار" (1155)، وابن الجارود (302) من طريق يزيد بن عبد ربه، وابن
شاهين في "جزء من حديثه" (38)، والخطيب في "تاريخ بغداد" 3/
345، وابن الجوزي في "التحقيق" (769)، وفي "الواهيات" (805)
من طريق محمد بن عمرو بن حنان الحمصي، أربعتهم عن بقية بن الوليد، حدثنا شعبة، عن
مغيرة الضبي، عن عبد العزيز بن رفيع، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم أنه قال:
"قد اجتمع في يومكم هذا
عيدان: فمن شاء أجزأه من الجمعة، وإنّا مجمّعون".
المحفوظ أنه مرسل، وأسند
الخطيب البغدادي 3/ 345 عن الإمام أحمد أنه قال:
"من أين جاء بقية بهذا؟
- كأنه يعجب منه - ثم قال أبو عبد الله: قد كتبت عن يزيد بن عبد ربه عن بقية عن
شعبة حديثين ليس هذا فيهما، وإنما رواه الناس عن عبد العزيز عن أبي صالح
مرسلا".
وقال ابن أبي حاتم في
"العلل" (602):
"سألت أبي عن حديث رواه
بقية، عن شعبة، عن مغيرة، عن عبد العزيز بن رفيع، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اجتمع عيدان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم)؟
قال أبي: رواه أبو عوانة، عن عبد العزيز بن رفيع، قال: (شهدت الحجاج بن يوسف
واجتمع عيدان في يوم، فجمعوا، فسألت أهل المدينة، قلت: كان فيكم رسول الله صلى
الله عليه وسلم عشر سنين، فهل اجتمع عيدان؟ قالوا: نعم) قال أبي: هذا أشبه".
وقال الدارقطني في
"العلل" (1984):
"رواه الثوري...وكذلك
رواه أبو عوانة، وزائدة، وشريك، وجرير بن عبد الحميد، وأبو حمزة السكري كلهم عن
عبد العزيز بن رفيع، عن أبي صالح مرسلا، وهو الصحيح".
وقال ابن عبد البر:
"وهذا الحديث لم يروه
فيما علمت عن شعبة أحد من ثقات أصحابه الحفاظ، وإنما رواه عنه بقية بن الوليد،
وليس بشيء في شعبة أصلا، وروايته عن أهل بلده أهل الشام فيها كلام، وأكثر أهل
العلم يضعفون بقية عن الشاميين وغيرهم، وله مناكير، وهو ضعيف ليس ممن يحتج
به".
وقد تفرّد أيضا بقية بهذا
اللفظ، أعني: بلفظ الإجزاء، وقد رواه زياد بن عبد الله البكائي مقتصرا على ذكر
إباحة الرجوع ولم يذكر الإجزاء:
فأخرجه ابن عدي في
"الكامل" 4/ 140 - ومن طريقه البيهقي 3/ 318 -، وابن عبد البر في
"التمهيد" 10/ 273 من طريق زياد بن عبد الله البكائي، عن عبد العزيز بن
رفيع، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال:
"اجتمعنا إلى رسول الله صلى
الله عليه وسلم في يوم عيد ويوم جمعة، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو
في العيد: هذا يوم قد اجتمع لكم فيه عيدان: عيدكم هذا والجمعة، وإني مجمع إذا
رجعت، فمن أحب منكم أن يشهد الجمعة فليشهدها".
وأخرجه عبد الرزاق (5728)،
والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1156)، والبيهقي 3/ 318 من طريق سفيان
الثوري، والفريابي في "العيدين" (151) من طريق أبي عوانة الوضاح بن عبد
الله اليشكري، كلاهما عن عبد العزيز بن رفيع، عن أبي صالح ذكوان، قال:
"اجتمع عيدان على عهد
النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنكم قد أصبتم خيرا وذكرا، وإنا مجمعون، فمن شاء
أن يجمع فليجمع، ومن شاء أن يرجع فليرجع".
وأما حديث
ابن عمر:
فأخرجه ابن ماجه (1312) - ومن
طريقه ابن الجوزي في "التحقيق" (797)، وفي "الواهيات" (806)
-، وابن عدي في "الكامل" 8/ 216 عن جبارة بن المغلس، حدثنا مندل بن علي،
عن عبد العزيز بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، قال:
"اجتمع عيدان على عهد رسول
الله، فصلى بالناس، ثم قال: من شاء أن يأتي الجمعة فليأتها، ومن شاء أن يتخلف
فليتخلف".
وإسناده ضعيف، مندل بن علي،
وجبارة بن المغلس: ضعيفان.
يستفاد من
الحديث
أنه إذا وافق عيدٌ يوم
الجمعة، فللإمام أن يجمعهما، فيأخّر الخروج حتى يرتفع النهار، فيخرج ويصعد المنبر
فيخطب، ثم يصلى بالناس ركعتين، قال الخطابي في "معالم السنن" 1/ 246:
"وأما صنيع ابن الزبير
فإنه لا يجوز عندي أن يحمل إلا على مذهب من يرى تقديم صلاة الجمعة قبل الزوال، وقد
روي ذلك عن ابن مسعود.
وروي عن ابن عباس أنه بلغه
فعل ابن الزبير فقال أصاب السنة.
وقال عطاء: كل عيد حين يمتد
الضحى الجمعة والأضحى والفطر.
وحكى إسحاق بن منصور عن أحمد
بن حنبل أنه قيل له: الجمعة قبل الزوال أو بعده؟ قال: إن صليت قبل الزوال فلا أعيبه،
وكذلك قال إسحاق، فعلى هذا يشبه أن يكون ابن الزبير صلى الركعتين على أنهما جمعة
وجعل العيد في معنى التبع لها".
قلت: وهذا ظاهر بيّن، لأنه
بدأ بالخطبة ثم صلى بهم ركعتين وهذه هي صفة صلاة الجمعة، ولا يخفى أن السّنة في
صلاة العيد أن يبدأ بالصلاة قبل الخطبة، والله أعلم.
كتبه
أبو سامي العبدان
حسن التمام
1 - رمضان - 1442 هجري
٭ ٭ ٭
____________