(166)
"ثم سجد، فقال: سبحان ربي الأعلى".
لقد تقدّم تخريجه من حديث حذيفة برقم
(156).
وله شواهد من حديث ابن عباس، وعقبة بن عامر،
وابن مسعود، وجبير بن مطعم، وأبي بكرة، وقد تقدّم تخريجها ضمن شواهد الحديث رقم
(160).
وفي الباب عن عوف بن مالك، وعائشة، وعلي بن
أبي طالب، وأبي هريرة:
أما حديث عوف
بن مالك:
فقد تقدّم تخريجه تحت الحديث رقم (156)، وفيه:
"يقول في سجوده: سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة".
وأما عائشة
رضي الله عنها فقد جاء عنها خمسة أحاديث في هذا الباب:
الحديث الأول:
أخرجه النسائي (1125)، وأحمد 6/ 147، والحاكم
1/ 221 من طريق شعبة، والنسائي (1124)، وفي "الكبرى" (714)، وإسحاق بن راهويه
(1601)، والمروزي في "قيام الليل" (ص 79) - مختصره عن جرير، كلاهما عن منصور،
عن هلال بن يساف، عن عائشة، أنها قالت:
"فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم
من مضجعه فجعلت ألتمسه، وظننت أنه أتى بعض جواريه، فوقعت يدي
عليه وهو ساجد يقول: اللهم اغفر لي ما أسررت
وما
أعلنت".
وقال
الحاكم:
"هذا
حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه" وأقره الذهبي.
قلت:
إسناده صحيح وليس على شرطهما، إنما روى البخاري لهلال متابعة، ولم يرو مسلم من حديثه
عن عائشة.
وله طريق أخرى عن عائشة:
أخرجه الطيالسي (1508) عن شعبة، وجرير، عن
منصور، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عائشة، قالت:
"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عندي
ذات ليلة، ففقدته، وظننت أنه أتى بعض جواريه، فالتمسته في ظلمة الليل - قال جرير: ولم
يقله شعبة - قالت:
فانتهيت
إليه وهو ساجد فوضعت يدي عليه فسمعته يقول: اللهم اغفر لي ما أسررت وما أعلنت".
وأخرجه ابن أبي شيبة 10/ 222 حدثنا عبيدة بن
حميد، عن منصور، عن إبراهيم، عن عائشة به.
وهذا منقطع.
الحديث الثاني:
أخرجه
مسلم (486)، والنسائي (169)، وفي "الكبرى" (158)، وابن ماجه (3841)، وأحمد
6/ 201، وابن أبي شيبة 10/ 191، وابن خزيمة (655) و (671)، وأبو يعلى (4565)، وابن
المنذر في "الأوسط" (1479)، وأبو عوانة (1821) و (1888)، وابن حبان
(1932)، والدارقطني 1/ 260، والحاكم في "معرفة علوم الحديث" (ص 215-216)،
والبيهقي 1/ 127، وفي "الدعوات الكبير" (219)، وابن عبد البر في "التمهيد"
23/ 349 عن أبي أسامة حماد بن أسامة، وأبو داود (879)، والنسائي (1100)، وفي
"الكبرى" (691) و (7701)، وابن راهويه (544)، والمروزي في "قيام الليل"
(ص 79) من طريق عبدة بن سليمان، كلاهما عن عبيد الله بن عمر، قال: حدثنا محمد بن يحيى
بن حبان، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن عائشة، قالت:
"فقدت
رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة من الفراش، فالتمسته، فوقعت يدي على بطن قدميه
وهو في المسجد، وهما منصوبتان، وهو يقول: إني أعوذ بك برضاك من سخطك، وبمعافاتك من
عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك".
وقال الدارقطني:
"وخالفهم وهيب، ومعتمر، وابن نمير، فرووه
عن عبيد الله، وقالوا: عن الأعرج، عن عائشة، ولم يذكروا أبا هريرة".
أخرجه أحمد 6/ 58 حدثنا ابن نمير، حدثنا عبيد
الله بإسناده ليس فيه أبو هريرة!
وله طرق عن عائشة:
أ - أخرجه الترمذي (3493)، والطحاوي في
"شرح المعاني" 1/ 234، والبغوي في "شرح السنة" (1366) من طريق
مالك (وهو في "الموطأ" 1/ 214)، والترمذي (3493) من طريق الليث، والنسائي
(1130)، وفي "الكبرى" (719)، وإسحاق بن راهويه (545) و (1156) عن جرير، ثلاثتهم
عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، أن عائشة أم المؤمنين، قالت:
"كنت نائمة إلى جنب رسول الله صلى
الله عليه وسلم. ففقدته من الليل، فلمسته بيدي، فوضعت يدي على قدميه، وهو ساجد، يقول:
أعوذ برضاك من سخطك،
وبمعافاتك
من عقوبتك، وبك منك لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك".
وقال الترمذي:
"حديث حسن صحيح".
محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، قال أبو
حاتم: لم يسمع من عائشة.
وأخرجه عبد الرزاق (2883) عن ابن عيينة، عن
يحيى بن سعيد، عن
محمد بن إبراهيم التيمي، قال:
"فقدت عائشة رسول الله صلى الله عليه
وسلم ذات ليلة فذهبت بيدها فوقعت على أخمص قدمه وهو ساجد...الحديث".
وأخرجه الطحاوي في "شرح المعاني"
1/ 234، والدارقطني 1/ 261 من طريق الفرج بن فضالة، عن يحيى بن سعيد، عن عمرة، عن عائشة
به.
وقال الدارقطني:
"الفرج بن فضالة ضعيف، خالفه يزيد بن
هارون، ووهيب وغيرهما، رووه عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم، عن عائشة مرسلا".
وأخرجه الطبراني في "الأوسط"
(3627)، وفي "الصغير" (476) من طريقه، ولفظه "فقدت رسول الله صلى
الله عليه وسلم ذات ليلة من فراشه، وظننت أنه قام إلى جاريته مارية فقمت ألتمس الجدار،
فوجدته قائما يصلي، فأدخلت يدي في شعره لأنظر اغتسل أم لا؟ فلما انصرف قال: أخذك شيطانك
يا عائشة؟ قلت: ولي شيطان يا رسول الله؟ قال: نعم. قلت: ولجميع بني آدم؟ قال: نعم.
قلت: ولك؟ قال: نعم، ولكن الله أعانني عليه فأسلم".
وقال الطبراني:
"لم
يرو هذا الحديث عن يحيى بن سعيد، عن عمرة، إلا فرج بن فضالة".
ب - أخرجه ابن خزيمة (654)، وعنه ابن حبان
(1933)، والطحاوي 1/ 234، وفي "شرح مشكل الآثار" (111)، وابن المنذر في
"الأوسط" (1447)، والطبراني في "الأوسط" (197)، والحاكم 1/
228، والبيهقي 2/ 116، وابن عبد البر في "التمهيد" 23/ 348-349 من طريق
سعيد
بن أبي مريم قال: أخبرنا يحيى بن أيوب، قال: حدثني عمارة بن غزية قال: سمعت أبا النضر،
عن عروة بن الزبير، عن عائشة:
وفيه زيادة، ولفظها "يا عائشة، أخذك شيطانك؟
فقالت: أما لك شيطان؟ قال: ما من آدمي إلا له شيطان. فقلت: وأنت يا رسول الله؟ قال:
وأنا، ولكني دعوت
الله
عليه فأسلم".
وقال الطبراني:
"لم
يرو هذا الحديث عن أبي النضر سالم إلا عمارة بن غزية تفرد به يحيى بن أيوب".
وقال
الحاكم:
"هذا
حديث صحيح على شرط الشيخين" وأقره الذهبي.
قلت:
ليس على شرطهما، فلم يحتج البخاري بعمارة إنما روى له معلقا، ولم يرويا لعمارة بن غزية
عن أبي النضر - وهو سالم بن أبي أمية القرشي - ولا لأبي النضر عن عروة.
وهو بهذه الزيادة فقط عند مسلم (2815)، وأحمد
6/ 115، والبيهقي في "دلائل النبوة" 7/ 102 من طريق ابن قسيط، عن عروة به.
جـ - أخرجه الطبراني في "الأوسط"
(3677) من طريق جنادة بن سلم، عن عبيد الله بن عمر، عن موسى بن عقبة، عن نافع بن جبير،
عن عائشة:
"أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول:
أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ برحمتك من عذابك وأعوذ بك منك،
لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك".
وجنادة بن سلم ضعيف، قال أبو حاتم: عمد إلى
أحاديث موسى بن عقبة فحدث بها عن عبيد الله بن عمر.
وأخرجه
أبو الشيخ في "أحاديث أبي الزبير عن غير جابر" (96) من طريقه حدثنا عبيد
الله بن عمر، عن أبي الزبير، عن علي بن الحسين، عن عائشة به، وزاد "وأعوذ برحمتك
من عذابك".
د
- أخرجه عبد الرزاق (2881) عن معمر، عن عمران:
"أن عائشة قامت ذات ليلة تلتمس النبي
صلى الله عليه وسلم في جوف الليل، قال: فوقعت يدها على بطن قدم النبي صلى الله
عليه وسلم وهو ساجد وهو يقول:
سبحان ربي ذي الملكوت والجبروت والكبرياء والعظمة،
أعوذ بالله، برضاك من سخطك، وأعوذ بمغفرتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك،
أنت كما أثنيت على نفسك".
عمران إن كان ابن حطان فقد قال العقيلي: يحدث
عن عائشة ولم يتبين سماعه منها. وجزم ابن عبد البر بأنه لم يسمع منها، ورده الحافظ
في "تهذيب التهذيب" 8/ 128-129،
بقوله: "وقع عند البخاري التصريح بسماعه
منها، وقد وقع التصريح بسماعه منها في (المعجم الصغير) للطبراني بإسناد صحيح، وكذا
روى الرياشي عن أبي الوليد الطيالسي عن أبي عمرو بن العلاء، عن صالح بن سرح اليشكري،
عن عمران بن حطان، قال: كنت عند عائشة".
ومهما
يكن فإن روايته هنا صورتها صورة المرسل.
ه - أخرجه
النسائي (5534)، وفي "الكبرى" (7920)، وابن الأعرابي في "المعجم"
(2407) من طريق العلاء بن هلال، قال: حدثنا عبيد الله، عن زيد، عن عمرو بن مرة، عن
القاسم بن عبد الرحمن - وهو ابن عبد الله بن مسعود -، عن مسروق بن الأجدع، عن عائشة،
قالت:
"طلبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات
ليلة في فراشي فلم أصبه فضربت بيدي على رأس الفراش فوقعت يدي على أخمص قدميه، فإذا
هو ساجد يقول: أعوذ بعفوك من عقابك، وأعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بك منك".
وإسناده ضعيف، العلاء بن هلال: فيه لين.
الحديث الثالث:
تقدّم تخريجه تحت الحديث رقم (160)، وفيه:
"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم
ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. يتأول القرآن".
الحديث الرابع:
تقدّم تخريجه تحت الحديث رقم (160)، وفيه:
"فتحسسته فإذا هو راكع أو ساجد، يقول: سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت".
الحديث الخامس:
تقدّم تخريجه تحت الحديث رقم (160)، وفيه:
"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في ركوعه وسجوده: سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ
رَبُّ الْمَلاَئِكَةِ وَالرُّوحِ".
وأما حديث علي
بن أبي طالب:
فقد تقدّم تخريجه تحت الحديث رقم (125) و
(127)، وفيه: "فإذا سجد قال في سجوده: اللهم لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، وأنت
ربي، سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره، تبارك الله أحسن الخالقين".
وأما حديث أبي
هريرة:
فأخرجه مسلم (483)، وأبو داود (878)، وابن
خزيمة (672) - وعنه ابن حبان (1931) -، والطحاوي في "شرح المعاني" 1/
234، وأبو عوانة (1880)، والحاكم 1/ 263، وأبو نعيم في "الحلية" 8/ 330،
والبيهقي 2/ 110، وفي "الدعوات الكبير" (94) من طريق ابن وهب، أخبرني
يحيى بن أيوب، عن عمارة بن غزية، عن سمي مولى
أبي بكر، عن أبي صالح، عن أبي هريرة:
"أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في سجوده: اللهم اغفر لي ذنبي كُلَّهُ دِقَّهُ،
وَجِلَّهُ، وَأَوَّلَهُ وَآخِرَهُ وَعَلَانِيَتَهُ وَسِرَّهُ".
وقال
الحاكم:
"صحيح
على شرط الشيخين ولم يخرجاه" وأقره الذهبي.
الحديث
في صحيح مسلم، وليس على شرط البخاري فقد روى لعمارة تعليقا، ولم يرو شيئا من حديث ابن
وهب، عن يحيى بن أيوب.
وأخرجه
الطبراني في "الدعاء" (607) حدثنا أحمد بن رشدين المصري، حدثنا أحمد بن صالح،
حدثنا ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن عمارة بن غزية به.
وإسناده
ضعيف جدا، شيخ الطبراني: اتهمه أحمد بن صالح بالكذب، في قصة حكاها ابن عدي في
"الكامل" 1/ 326.
وأما حديث ابن
عباس:
فأخرجه مسلم (763-187)، وأحمد 1/ 284، والطيالسي
(2829)، وأبو عوانة (792) و (2274)، وأبو نعيم في "المستخرج" (1745) و
(1746)، وأخرجه مختصرا: ابن ماجه (508)، وابن خزيمة (127)، والطحاوي في "شرح المعاني"
1/ 286، وابن حبان (1445) من طرق عن شعبة، عن سلمة بن كهيل، عن كريب، عن ابن عباس،
قال:
"بت في بيت خالتي ميمونة، فرقبت رسول
الله صلى الله عليه وسلم كيف يصلي، فقام فبال، ثم غسل وجهه وكفيه، ثم نام، ثم قام،
فعمد إلى القربة فأطلق شناقها،
ثم
صب في الجفنة، أو القصعة، وأكب يده عليها، ثم توضأ وضوءا حسنا بين الوضوءين، ثم قام
يصلي، فجئت فقمت عن يساره، فأخذني، فأقامني عن يمينه، فتكاملت صلاة رسول الله صلى
الله عليه وسلم ثلاث عشرة ركعة، قال: ثم نام حتى نفخ، وكنا نعرفه إذا نام بنفخه، ثم
خرج إلى الصلاة فصلى، وجعل يقول في صلاته أو في سجوده: اللهم اجعل في قلبي نورا، وفي
سمعي نورا، وفي بصري نورا وعن يميني نورا وعن يساري نورا وأمامي نورا وخلفي نورا وفوقي
نورا وتحتي نورا، واجعلني نورا".
وأخرجه
مسلم (763-188)، والنسائي (1121)، وفي "الكبرى" (712)، وابن أبي شيبة
10/ 221، وأبو عوانة (2275)، والطبراني 11/ (12188)، وأبو نعيم في "المستخرج"
(1747) من طريق سعيد بن مسروق، عن سلمة بن كهيل، عن أبي رشدين وهو كريب به، وفيه
"كان يقول في سجوده" بدون شك، وقال في آخره: (وأعظم لي نورا) ولم يذكر:
(واجعلني نورا).
يستفاد من الأحاديث
أولًا: أنه يقول في سجوده: سبحان ربي الأعلى.
ثانيًا: أنه يقول في سجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك،
اللهم اغفر لي.
ثالثًا: أنه يقول في سجوده: سبحانك اللهم وبحمدك لا
إله إلا أنت.
رابعًا: أنه يقول في سجوده: سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ
الْمَلاَئِكَةِ وَالرُّوحِ.
خامسًا: أنه يقول في سجوده: سبحان ذي الجبروت والملكوت
والكبرياء والعظمة.
سادسًا: أنه يقول في سجوده: اللهم لك سجدت، وبك آمنت،
ولك أسلمت، وأنت ربي، سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره، تبارك الله أحسن الخالقين.
سابعًا: أنه يقول في سجوده: اللهم اغفر لي ذنبي كُلَّهُ
دِقَّهُ، وَجِلَّهُ، وَأَوَّلَهُ وَآخِرَهُ وَعَلَانِيَتَهُ وَسِرَّهُ.
الأذكار التي
كان يقولها في سجود صلاة الليل:
1 - اللهم اغفر لي ما أسررت وما أعلنت.
2 - أعوذ بك برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك،
وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك.
3 - اللهم اجعل في قلبي نورا، وفي سمعي نورا،
وفي بصري نورا وعن يميني نورا وعن يساري نورا وأمامي نورا وخلفي نورا وفوقي نورا وتحتي
نورا، واجعلني نورا.
أو يقول في آخره (وأعظم لي نورا) بدلا عن
(واجعلني نورا).
كتبه
أبو سامي العبدان
حسن التمام
4 - صفر - 1440 هجري
٭ ٭ ٭